الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:34 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:19 PM
العشاء 8:40 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

التعايش مع الخوف!

الكاتب: صبري عيسى

لم يكن أمامنا خلال نصف القرن الماضي سوى التعايش مع الخوف الساكن في رؤوسنا، ننام ونستيقظ على خوف، نمشي في الطريق ونتلفت حولنا في كل دقيقة يميناً وشمالاً، وإلى الوراء حتى نطمئن أن لا أحد يتبعنا، ومع أننا كنا متأكدين أن (الملاكين) اللذين يجلسان على كتفينا لتوثيق سلوكنا ورصد حسناتنا وسيئاتنا من أجل حسابنا المفتوح يوم القيامة، كانا يرفعان نسخة من تقاريرهم إلى الأجهزة الأمنية لتبرئة ذمتهم، لأن هناك من يراقبهم في حال التقاعس عن أداء واجبهم الأمني حرصا على سلامة الوطن من أمثالنا، وهكذا تعايشنا مع الخوف، وعندما كنا نتحاور مع بعضنا بعضا كنا نتلفت حولنا خوفاً من أي غريب يتنصت علينا، ونضطر إلى تغيير موضوع الحوار، حتى لو كان عن لون السماء.

الخوف هو الحقيقة الوحيدة التي مارسناها بحرية، وفي المراحل المبكرة من العمر كنا نخاف من الظلام، ثم أصبحنا نخاف من عصا المعلم في المدرسة، وبعد سنوات أصبحنا نخاف من عصا الشرطي، ومن تقارير المخبرين الكاذبة، وكبر الخوف في داخلنا عندما أفلحت الأنظمة في تخويفنا من الإمبريالية، ونجحت في تحميلها كل مصائبنا، بدءاً من الهزائم المتلاحقة ومروراً بالفساد والغلاء، إلخ.

وبسبب الخوف شاركنا في مسيرات الغضب ضد الإمبريالية والرجعية، وأقمنا الأفراح والليالي الملاح في مناسبات زيادة الرواتب والمنح النقدية، التي تتكرم بها حكوماتنا لمساعدتنا في تأمين الخبز ودفع فواتير الكهرباء والماء، التي يتم حجبها عنا (بسبب التقنين) معظم الأيام، ومع ذلك لابد من توجيه الشكر الى حكوماتنا المتعاقبة التي كانت تدعونا إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية، وكل أنواع الانتخابات والاستفتاءات، صحيح أن أصواتنا لا تقدم ولا تؤخر في النتائج المعروفة مسبقاً، إلا اننا ومن قبيل رد الجميل للحكومة ، كنا نشارك في الاحتفالات التي تقيمها بمناسبة (الفوز الكاسح) لقوائم الجبهة الوطنية التقدمية في كل الانتخابات، التي كانت تجريها حتى لو كانت انتخابات لنقابة عمال التنظيفات!

الآن أصبحنا نخاف من الغلاء الفاحش وانقطاع الكهرباء والماء، ودخلنا في نفق مظلم لانهاية له، أحلامنا تقلصت الى أدنى من رغباتنا بحياة كريمة، أسوأ أنواع الخوف هو ما نعيشه الآن ونحن ننتظر قدرنا المجهول، ولا نملك سوى الدعاء الى الله (اللهم لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه).

كاتب من سوريا

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...