الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:32 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:21 PM
العشاء 8:42 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

حـيـن تـصـيـر الـقـوة ضـعـفـاً ؟!

الكاتب: رجب أبو سرية

عشية انتخابات الكنيست العشرين، وقبل موعد إجرائها بأيام قليلة، وحيث كانت استطلاعات الرأي تمنح منافس الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو، أي قائمة المعسكر الصهيوني بزعامة رئيس حزب العمل إسحق هيرتسوغ وزعيمة كاديما تسيفي ليفني، أفضلية على الليكود، شمّر نتنياهو عن ساعديه، وقام بتحريض شخصي لليمين، إلى أن حقق الفوز لليكود على منافسه، بفارق ستة مقاعد، وكانت تلك آخر مرة تلوح في الأفق إمكانية أن يحدث اليسار انقلابا في الحكم، ذلك لو أنه حدث العكس أي أن المعسكر هو الذي فاز بثلاثين مقعدا، والليكود كان حصل على 24 مقعدا، لشكل اليسار الحكومة بالشراكة مع حزب الوسط "ييش عتيد" بزعامة يائير لبيد، ومع ميرتيس، وبشبكة أمان عربية حيث حلت القائمة المشتركة في ذلك العام 2015 في المرتبة الثالثة بثلاثة عشر مقعدا.

في الانتخابات السابقة ورغم أن أزرق - أبيض أخذت موقع المعسكر الصهيوني كمنافس رئيس لليكود، إلا أن نتنياهو لم يقلق من المنافسة، ذلك أنه تأكد من أن المشكلة لم تعد في أن يحصل الليكود أو منافسه على أكبر عدد من المقاعد حتى يكلف بتشكيل الحكومة، إنما بات المهم هو أن يحصل اليمين على الأغلبية البرلمانية التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وحيث إنه اتضح التحول التاريخي في الواقع المجتمعي الإسرائيلي، منذ آخر حالة توازن حدثت العام 1992، ومفاده أن المجتمع الإسرائيلي صار يمينيا، بشكل واضح، ولم يعد قادراً حتى على تداول السلطة كما هو حال الدول الديمقراطية الغربية، بين الحزبين الكبيرين في الحياة السياسية، لذا فإن منافس الليكود اليميني ومنذ العام 2002، بالتحديد، صار ينتقل من موقع اليسار إلى الوسط، منذ تشكيل كاديما/ أرئيل شارون، وصولا إلى قائمة الجنرالات، قائمة ازرق - أبيض الأمنية والتي يقودها جنرالات الجيش السابقون مع الحزب الوسطي ييش عتيد بزعامة يائير لبيد، والتي نافست الليكود في الانتخابات السابقة والتي ما زالت تنافسه في الانتخابات القادمة.

مكمن قوة اليمين على ما يبدو بات عقب أخيل أو موضع الضعف السياسي لليمين، كما هو حال القوة العسكرية الإسرائيلية التي هي بالضبط موضع ضعفها، المتمثلة في الوصف الشائع الذي يقول إن القوة عمياء، وأن عمى القوة يجعل صاحبها لا يرى أبعد من أنفه، أي يمنعه من رؤية الحقائق الكامنة تحت السطح.

كيف يكون هذا، لابد من الإشارة إلى أن الواقعين المتداخلين الفلسطيني والإسرائيلي يؤثر أحدهما في الآخر، أيما تأثير، نقصد أن أحدهما يؤثر في الوضع الداخلي للآخر، حتى دون أن يقوم بفعل ذلك بشكل مباشر، والتأثير متبادل، وليس كما يظن البعض، بأن إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال والقوة العسكرية والاقتصادية، تلعب كما يحلو لها في الداخل والواقع الفلسطيني، فيما الحال الفلسطيني بلا حول أو قوة،

فالأمر ليس هكذا أبدا، فيجب ألا يغيب عن البال ولو للحظة أن كل دولة إسرائيل قد نشأت على "أنقاض الدولة الفلسطينية" التي لو قدر لها أن تستقل عن الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية مثل كل الدول التي كانت مستعمرة من قبل بريطانيا أو فرنسا، لكانت اليوم هي دولة فلسطين من البحر إلى النهر، لذا فان عقدة الاحتلال ستظل تلازم اللاوعي السياسي الإسرائيلي إلى أبد الدهر، هذا من جانب ومن جانب آخر، فإن التداخل المجتمعي، إن كان من خلال الأقلية العربية - الفلسطينية من مواطني دولة إسرائيل، أو كان من سكان أرض دولة فلسطين المحتلة العام 1967، أو حتى لاجئي العام 48 المقيمين في غير مكان، وكفاحهم من أجل حقوقهم، فكلما تقدم الكفاح الوطني، واجهت إسرائيل مشكلة لوضع حد لذلك الكفاح، إن كان بالقمع كما حدث دائما، أو كان بتولد القناعة بضرورة تقديم تنازل ما، يتمثل في حكم ذاتي أو حل انتقالي أو دولة ناقصة السيادة أو ما إلى ذلك، كما حدث بعد انتفاضة العام 1987، والتي كانت سببا واضحا في عودة اليسار للحكم العام 1992.

الأداء الفلسطيني من جهة، ونجاح إسرائيل بالمقابل وإن كان خلال عقدين، أي منذ العام 1994 حتى العام 2014، في احتواء أوسلو، أي نتائج انتفاضة 87، قد أحدث التحول اليميني داخل المجتمع الإسرائيلي، إضافة بالطبع إلى أن ذلك قد ترافق مع انتهاء الحرب الباردة العام 91، وهجرة اليهود الروس، وضعف الدعم الدولي لفلسطين، ثم ضعف الدعم العربي منذ العام 2011، كل ذلك عزز من القوة السياسية لإسرائيل في مواجهة فلسطين، والتي تأكدت أيضا بحدوث الانقسام الداخلي، وهكذا، فقد تضخمت القوة السياسية لليمين الإسرائيلي، فتفرغ للقضايا الداخلية، ومع تراجع حالة الخطر الخارجي، التي عادة ما يصفونها بأنها خطر وجودي، فقد تصاعدت حدة الشقاق الداخلي، وجاء مقتل الليكود ونتنياهو هذه المرة من حلفائه، حيث التناقض بين جناحي اليمين، ما بين اليمين الديني واليمين العلماني أو الليبرالي.

معروف أن معسكر اليمين الحالي يضم بين صفوفه يمينا مدنيا علمانيا أو ليبراليا، يتمثل في الليكود وإسرائيل بيتنا، ويمين متطرف يستند لجمهور المستوطنين، ويمثله البيت اليهودي وقائمة تحالف أحزاب اليمين، ويمين ديني يتمثل في شاس ويهوديت هتوراة.
مع بقاء حدة الشقاق قائمة ليس فقط بين حزبي شاش ويهوديت هتوراة من جهة وإسرائيل بيتنا من جهة ثانية وحسب، بل وبين إسرائيل بيتنا وزعيمه أفيغدور ليبرمان وبين نتنياهو بشكل محدد، إلا أن نتنياهو وقبل أكثر من شهر بأيام قليلة على موعد إجراء الانتخابات ما زال لا يبدي القلق الواجب أو المتناسب مع حقيقة تحشيد القوى، وتوافق خصومه على هدف محدد وهو إسقاطه هو شخصيا من الحكم.

السبب في ذلك يعود بتقديرنا، إلى أن تحولا حاسما غير متوقع في الفارق الـ 5 - 7 مقاعد بين اليمين واليسار ومعه العرب، لذا وكما حدث بعد الانتخابات السابقة فحتى لو فشل نتنياهو والليكود في تشكيل الحكومة فإن الخصم غير قادر على تشكيلها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن مطلب ليبرمان وأزرق - أبيض في إخراج نتنياهو من المشهد والتوافق على مرشح ليكودي آخر، أمر غير ممكن بعد أن حطم الحكم المتواصل لنتنياهو وجود الشخصيات المنافسة داخل الليكود، لذا فإن نتنياهو مطمئن إلى أنه سيبقى رئيس حكومة ولو حكومة مؤقتة، مثل الحكام المستبدين، فيما باتت قوته هو وقوة اليمين مصدر ضعفهما، كذلك فإن اعتماد إسرائيل على حل كل مشاكلها استنادا لقوتها العسكرية والاقتصادية هو مكمن الضعف، فهناك منطق العدالة، وما هو إلا ارتفاع ما في منسوب الكفاح الشعبي الفلسطيني حتى تنقلب الطاولة وتظهر المدى المخادع للواقع السياسي الحالي.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...