بالقدس كفاءات تكنولوجية

الكاتب: سعيد صبري
يوميات المواطن المقدسي تختلف عن يوميات اي فلسطيني آخر يسكن بمنطقة من مناطق فلسطين، يوميات الطالب والاستاذ والطبيب والموظف والتاجر بالقدس بها من المعاناة النوعية المنغصة ليومة ، فهناك ستة عنوايين رئيسية تخص مدينة القدس، المستوطنين يقتحمون المسجد الاقصى المبارك ، وهدم واستيلاء على أبنية وعقارات مقدسية من قبل الاحتلال ، والبحث عن مصف آمن للسيارة من المخالفات ، والوصول الى مكان عملك إن توفر ، والاحتماء من مداهمات الضريبية المستهدفة للتجار بالمدينة المقدسة، والاطمئنان ان المدارس مفتوحة وبها آمان تعليمي واجتماعي بالاضافة الى المواصلات.
في القدس كل شيء يبدو مختلفا، حتى شروق الشمس هو موعد لبدأ التحدي بمختلف اشكالة وانواعة ، يبدأ التحدي بأيجاد الاجوبة الصباحية مما يزيدها تشتت ومعاناة تعيشه الأسرة المقدسية بشكل يومي ، هذا منذ وجود الاحتلال الجاثم على الارض المقدسة ، وهل من أمل بظل هذا التحدي ؟
فبينما المواطن الجاثم على تراب القدس يعاني، مسلوب الهوية الفلسطينية، لا يستطيع ان يعرف نفسة في سياق المنظومة المعقدة الذي يعيش بها، فيحمل المواطن المقدسي هوية مقدسية صادرة من وزارة الداخلية الاسرائيلية ، ووثيقة سفر اسرائيلية ، وايضا جواز سفر اردني مؤقت، ولا يحق للمواطن المقدسي الحصول على جواز سفر فلسطيني حسب اتفاقية اوسلو. حتى في منطق التنقل خارج البلد لا يستطيع ان يتمتع بالمرور عبر حسر الكرامه بالساعات المسموح بها لاخوانة الفلسطينين من ابناء الضفة الغربية وغيرها من تكلفة المغادرة من تصريح و التكاليف العالية الاخرى .
ففي القدس تقسم المدارس إلى ثلاث أنواع من المدارس :- الأول:- تتبع إدارة واشراف وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وتشكل ما نسبته حوالي 13% من قطاع التعليم، الثاني:-المدارس الأهلية والخاصة الاسلاميةمنها والمسيحية تتبع من الناحية الإدارية للكنائس والجمعيات الخيرية والأفراد، وتُدرس المنهاج الفلسطيني الأصيل بنسبة 32%،ومدارس وكالة وتشغيل اللاجئين بنسبة 2%. أما الثالث فتشرف عليها وزارة المعارف الاسرائيلية وبلدية القدس اوتشكل ما نسبته 53% من مجمل قطاع التعليم في القدس.فإسرائيل ومنذ احتلالها للقدس عام 1967 تعمل ضمن خطة ممنهجة وإستراتيجية لضرب قطاع التعليم، وربطه بجهاز التعليم الإسرائيلي من النواحي الإدارية والإشرافية والتعليمية بهدف فرض سيطرتها على الأرض والإنسان الفلسطيني، وتعمل على طمسٍ كامل لمعالم الثقافة الوطنية وضرب عروبة القدس وأسرلتها ومحو الهوية الثقافية للمدينة وتزوير التاريخ، ونزع وعي الطلبة من خلال التدخل في المناهج الفلسطينية.
بميزانية تُقدر بـ2.3 مليار شيكل نحو (657 مليون دولار أميركي).حددّت إسرائيل ومن خلال البلدية الاحتلالية بالخطة الخمسية التى تركز على 6 قطاعات ستعمل فيها هي: التعليم والتعليم العالي، الاقتصاد والتجارة، التشغيل والرفاه، المواصلات، تحسين جودة الحياة والخدمات المقدمة للسكان، وتخطيط وتسجيل الأراضي. حيث سيحتل قطاع التعليم قرابة 130 مليون دولار مع زيادة متوقعه بموازنة المخصصة لذلك، وذلك بهدف اغراء المؤسسات التعليمية بالاندماج بالمنظومة الاسرائيلية . إلى أين نحن فلسطينيا من هذا وأين الخطة البديلة فلسطينيا؟علما أن الدراسات البحثية تظهر ان نسبة الطلبة الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس ما زالت أقل من 20% من مجمل عدد الطلبة، وايضا فإن الملاحظ الارتفاع بالأعداد متسارع وملحوظ في ظل ضخ ميزانيات ضخمة لهذا القطاع.
وحسب جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، توجد في محافظة القدس تسعة آلاف منشأة اقتصادية، أربعة آلاف منها بأسواق مدينة القدس، ويبلغ عدد المحال التجارية في البلدة القديمة 1400، أغلقت أبواب 250 منها حتى الآن بسبب التضييق الإسرائيلي على التجار وهو ما نسبته 20% من العدد الإجمالي. أما معدل البطالة بين الأفراد من فئة الشباب المتعلم فبلغت 7 %بعام 2023 حسب دراسات وابحاث محلية . ماذا انجزنا للحفاظ على الارث التاريخي بالمدينة القديمة؟
من الملاحظ أن أسباب البطالة في المدينة المحتلة بعدة أسباب؛ أبرزها حرمان الشباب المقدسي من الوظائف وفرص العمل المناسبة لمستواهم العلمي أو العملي، ثم محدودية المشغلين داخل القدس، أن البطالة تساهم في تراجع المستوى التعليمي في القدس وهذا ما يلاحظ زيادة بنسبة المتسربين من المدارس. وهذا يساهم بدوره في زيادة اليد العاملة الرخيصة غير المتعلمة أو الماهرة.
لنجعل القدس مصنعا للتكنولوجيا الرقمية:-
تهدف الجامعات في منطقة الشرق الأوسط إلى تعزيز ثقافة التعلم الذاتي بهدف تمكين خريجيها من تحقيق الازدهار والتأقلم مع تحولات سوق العمل الذي يشهد تطورات متسارعة، وأهمية الارتقاء بمستوى مهارات جيل الشباب بما يتناسب مع متطلبات الرقمنة المتسارعة. وضرورة رفد المناهج الجامعية وأنظمة التدريس بالتدريب العملي المقدم من الشركات التقنية ذات الخبرة ليكون الخريجين على أهبة الاستعداد للمشاركة في دفع عجلة التطور الاجتماعي والاقتصادي في بلدانهم، بما يتماشى مع الخطط والاستراتيجيات والرؤى الوطنية التي تركز حالياً على الاستفادة القصوى من التكنولوجيا. ظهرت العديد من البرامج بدول العالم التي تمنح تدريباً عملياً أو خارج الفصل الدراسي، وتعتمد مفهوم التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة. ورغم أهمية هذه النماذج التي تركز على التعليم الفردي، إلا أن تطبيقها على نطاق واسع يعتبر تحدياً بالغ الصعوبة. فلنبدأ بالعمل بالقدس ولنخلق نواة تكنولوجية بالتعاون بين مؤسسات التعليم الفلسطينية من مدارس وجامعات عاملة بالقدس والقطاع الخاص المقدسي والفلسطيني بشكل عام، وستمكين الشباب وحفز مشاركتهم في إحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتهم والمساهمة في مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.المؤسسات الأكاديمية والخاصة والصناديق السيادية في فلسطين والقدس تحديدا عليها مسؤولية الإسهام في تعزيز دور المواهب التقنية في بناء الاقتصاد الرقمي وتطوير النظام الإيكولوجي الفلسطيني من القدس ، وفي ضوء التركيز المتنامي على الابتكار والتقدم التكنولوجي، والحفاظ على الكفاءات الفلسطينية المقدسية باطار المجتمع الفلسطيني .
ولكي نتمكن من كي الجرح قبل النزيف، علينا العمل وبشكل ممنهج على تطوير المصنع التكنولوجي بالمدينة المقدسة ، والذي سيقوم باستيعاب الكفاءات الطلابية التى اتمت دراستها بالجامعات الفلسطينية ، والتى ستقدم خبراتها التكنولوجية باطار متكامل وموحد للشركلت العالمية والاقليمية ، وفي هذا الاطار فانني ادعو لتشكيل شركة فلسطينية تكون شركاءها اطراف العلاقة الثلاثة: النظام التعليمي المقدسي والقطاع الخاص الفلسطيني وتجمع مؤسسات العاملة لصالح قطاع هاي تك على ان تكون شركة مساهمه عامة تعني بانشاء المصنع والعمل على استيعاب الكفاءات الفلسطينية.
مسؤولية القدس هي مسؤولية الجميع قريبين بالجغرافيا عنها وبعدين عنها ، كفانا كلاما ولنبدأ بالعمل.