الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:03 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:16 PM
المغرب 7:40 PM
العشاء 9:08 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

العامل الفلسطيني بين سياسة العقاب الجماعي وتشوه بنية الاقتصاد الفلسطيني

الكاتب: د. سناء تيسير الشرافي

فرض الاحتلال الاسرائيلي منذ بداية العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة في شهر أكتوبر 2023 سياسة العقاب الجماعي على العمال الفلسطينيين بصرف النظر عن مكان تواجدهم أو انتمائاتهم أو طبيعة عملهم، واستقصد إصابة الاقتصاد الفلسطيني بالشلل من خلال تدمير كل مناحي الحياة في قطاع غزة الأمر الذى أدى لفقدان ٢٠٠ ألف عامل لوظائفهم، كما حجزت السلطات الاسرائيلية أموال المُقاصة الفلسطينية والتي تقدر بقيمة 255 مليون دولار شهرياً وهو ما يمثل 60% من دخل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي أصبحت بدورها عاجزةً عن الوفاء بالتزاماتها من رواتب العاملين في القطاع الحكومي، أو سداد الفواتير المترتبة على تعاملاتها مع الشركات العامة و الخاصة، كما ألغت السلطات الاسرائيلية تصاريح العمال الفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر والذين يصل عددهم 194 ألف عامل حسب ما نشره الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني حتى العام 2022.

تبنى الاحتلال الاسرائيلي استراتيجية ممهنجة في اخضاع الضفة الغربية وقطاع غزة للضم القسري والفعلي للاقتصاد الاسرائيلي، وعزلهما عن واقعهما الفلسطيني وعن دول الجواروالمحيط العربي، ووضع آليات أدت لاستغلال الأيدي العاملة الفلسطينية باتباع سياسة الإفقار والسلب والتبعية الإقتصادية وتقسيم الجغرافيا، فقد سلب الاحتلال منذ العام 1948 أكثر من نصف الأراضي الزراعية الفلسطينينة فأصبح أهلها معدومي الدخل، وأضعف الزراعة باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الفلسطيني وهو ما زاد أعداد العاملين بأجر بعد أن كان المزارعون يعملون في أراضيهم الخاصة، كما سلب الموارد الطبيعية والمائية، وجعل من السوق الفلسطيني ساحة له لبيع بضائعه فيها، وأحدث تشوهات هيكلية في بنية الاقتصاد الفلسطيني ووجه صدمات شديدة له تمثلت في سلب الأراضي، ورفع الضرائب وتكاليف المواد الأولية، والحجز على كثير من المواد اللازمة للصناعة  مما أدى للعزوف عن الصناعات الانتاجية والتي تشمل الزراعة، والصناعة، والإنشاءات، فأصبح سوق العمل الفلسطيني المحلي عاجز عن خلق فرص عمل مجزية للعاملين تكافئ مثيلتها داخل الخط الأخضر نظراً للفروقات في المؤشرات الإقتصادية وحجم الاستثمار والدخل القومي، وأصبح هنالك  جذب لأصحاب المهارات  الاختصاصات النادرة للعمل داخل الخط الأخضر رغم مواجهتهم لخطر الموت والحبس والتنكيل على الحواجز، وفقدانهم لنظام حماية اجتماعية عادل.

وحسب دراسات معهد ماس للعام 2024، وفي محاولات بعض أصحاب الشركات الخاصة في فلسطين لرفع الأجور لحاجتهم الماسة لبعض المهارات، إلا أن هذه الخطوة أدت لارتفاع تكلفة المنتج الفلسطيني دون تحسن انتاجية العامل أو جودة المنتج، وهو ما اضعف القوة التنافسية للمنتج المحلي مقارنة بالمنتجات الأخرى الأسرائلية من نفس الفئة.

وضمن معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حتى منتصف العام 2023، يعمل 60% من القوى العاملة في القطاع الخاص، وما يقارب منهم 20% في القطاع الحكومي، و17% يعملون داخل الخط الأخضر ، وكانت آخر احصائية لمعدل البطالة وصلت 24.6% قبل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والإجراءات التعسفية بالضفة الغربية والقدس، فيما ترجح احصاءات حديثة لمنظمة العمل الدولية أن تكون نسبة البطالة ارتفعت لحدود 40% بعد العدوان كتبعات أولية للعدوان الغاشم على فلسطين.

وضمن قراءة واقع حال العامل الفلسطيني، وهذا التشوه البنيوي في هيكل الاقتصاد الفلسطيني والذي تسبب فيه الاحتلال الاسرائيلي على مدار نصف قرن من الزمن، يبدو المستقبل أكثر قتامة إذا لم تكن هنالك خطوات جوهرية وعميقة تفكك العوائق إلى جزئيات يمكن التغلب عليها تشمل وضع خطة للدخل الأساسي الطارئ للعاملين في قطاع غزة والذي يحدد حسب قيمة المواد الأساسية ويسمح بدفع عجلة الاقتصاد للبدء بالتعافي البطيء، ومراجعة القوانين المتعلقة بالعمال وإعطاء التسهيلات لأصحاب المشاريع الإنتاجية، واعادة النظر في آليات دعم المنتج الوطني، وضرورة  معرفة و متابعة  ظروف وحقوق العاملين داخل الخط الأخضر والعمل على استيعابهم تدريجيا في سوق العمل المحلي، والبدء ببناء نظام حماية اجتماعية يتسم بالتدرج في المنافع والتغطيات والتدرج في الشمول للعاملين في القطاع الخاص، ودعم المرأة الفلسطينية سواء من خلال فرض سياسات تكافؤ فرص العمل في الوظائف، أو تمكين من لديهن مشاريع صغيرة وفتح آفاق لهم في السوق المحلي والأسواق الخارجية، والاستفادة من بنية المجتمع الفلسطيني الفتي ودمج الشباب وتشجيعهم على التعليم المهني وريادة الأعمال باعتبارهم عنصر القوة و البناء والتقدم، والمتابعة الحثيثة لسد الفجوة بين التعليم الأكاديمي وما تطرحه الجامعات من تخصصات واحتياجات سوق العمل الفلسطيني.

وعلى الرغم من أن  الاحتلال الاسرائيلي استباح لقمة عيش العامل الفلسطيني واستخدمها كسلاح  لفرض غطرسته على كل ما هو فلسطيني، يبقى لدى كل فلسطيني الأمل في بناء وطنه على أساس الحرية والعدالة الإجتماعية لأنه صاحب الأرض والحق.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...