خطة الجنرالات تعمق فلسفة الإبادة
الكاتب: عمر حلمي الغول
الدولة الإسرائيلية، التي تغنى بها الغرب الرأسمالي منذ تأسيسها قبل 76 عاما، باعتبارها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، انكشفت عارية تماما من أي صبغة ديمقراطية، ليس هذا فحسب، انما ظهرت كدولة نازية من طراز، هو ألأخطر والأكثر وحشية في العصر الحديث، حتى تفوقت على النازية الألمانية، والفاشية الإيطالية في الحرب العالمية الثانية. ورغم ذلك، مازال الغرب بقيادة الولايات المتحدة يشكل لها الحاضنة الدافئة، والداعمة بلا قيود لوحشيتها ونازيتها، والداعمة والقائدة لجرائم حربها على الشعب العربي الفلسطيني، واستباحت من أجل الدفاع عنها منابر الأمم المتحدة جميعها وخاصة مجلس الأمن الدولي، وتبنت روايتها الكاذبة والملفقة.
هذه الدولة وقبل تأسيسها على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني، ومع بلورة الحركة الصهيونية لشعارها الناظم "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" مع عقد مؤتمرها الأول في بازل بسويسرا 1897، ومع بداية دفع مهاجريها من المرتزقة الصهاينة من مختلف بقاع الأرض الى فلسطين، وقبل ولادة النازية الألمانية بثلاثة عقود وأكثر، وقبل ارتكاب المانيا الهتلرية الهولوكست "محارق اليهود في الافران"، حملت بذور النازية، وعملت على تعميقها وتوسيع مدياتها على الشعب الفلسطيني، عبر عمليات التطهير العرقي التدريجية، وترسيخ مقولات "العمل العبري"، والتجمعات الاستعمارية العبرية الصهيونية "الغيتووات"، والمدارس والجامعات اليهودية الصهيونية، والتمييز العنصري ضد أبناء الشعب الفلسطيني بدعم واسناد ومشاركة الانتداب البريطاني، الذي ساهم بشكل عميق في بناء مرتكزات الدولة الإسرائيلية في عام 1948. بالتالي الحركة الصهيونية اعتمدت منذ اللحظة الأولى لبلورة مشروعها الاجلائي الاحلالي فلسفة الإبادة والمحرقة للشعب الفلسطيني صاحب الأرض والتاريخ والموروث الحضاري، وارتكبت عصاباتها الإرهابية ما يزيد عن 100 مجزرة ومذبحة لتحقيق هدف التطهير العرقي ضده، ومازالت تواصل بهمجية منقطة النظير ابادتها الوحشية للشعب الفلسطيني في ارجاء الوطن الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة للشهر ال12.
واستمراءً لهذه الإبادة المنفلتة من عقال القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، واصلت جرائمها المروعة والفظيعة على مرآى ومسمع من العالم أجمع، ولم تخشَ العقاب والقانون، نتاج مشاركة وقيادة ودعم الادارة الأميركية الفاضح لها. ومن المحطات الجديدة القديمة وضع "منتدى الجنرالات والمحاربين في الاحتياط" وثيقة نشرها يوم الأربعاء 4 أيلول / سبتمبر الحالي، بعد قتل الرهائن الإسرائيليين ال6 مطلع أيلول / سبتمبر الحالي، التي شكلت نقطة تحول في مزاج الشارع وقطاعات المجتمع الإسرائيلي المختلفة، مما دفع نقابات العمال العامة "الهستدروت"، لإعلان الاضراب العام في الدولة، وتلازم الاضراب مع مظاهرة وصل عدد المشاركين فيها نحو 300 ألف شخص، هي الأكبر منذ 7 تشرين اول / أكتوبر 2023. وثيقة متكاملة تم رفعها للوزراء ولأعضاء الكابينيت الامني السياسي، سعيا لمناقشتها وإقرارها، ولإصدار الأوامر للجيش بتطبيقها مبدئيا ومن دون تردد.
وتضمنت الوثيقة، التي صاغها غيورا ايلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم العمليات في الجيش الاسرائيلي، ورئيس مجلس الأمن القومي، دفع المواطنين الفلسطينيين للنزوح مجددا من الشمال بما في ذلك مدينة غزة الى الجنوب، والذين يقدر عددهم نحو 800 ألف نسمة، ومن يرفض النزوح، يتم إخضاعهم لحرب التجويع حتى الموت، ووفقه فإن المقترح "لا ينتهك القانون الدولي، كونه يتيح للسكان النزوح قبل بدء الحصار المطبق عليهم. ومن ثم القيام بعملية هجوم واسعة لإبادة وتنظيف مدن ومخيمات وبلدات وأحياء الشمال من أذرع المقاومة، حسب وثيقة المنتدى النازي.
وتأتي الوثيقة لتعمق خيار رئيس الحكومة، نتنياهو وائتلافه الحاكم النازي لمواصلة الإبادة الجماعية على أبناء الشعب الفلسطيني، ومتناغمة مع رفضه للانسحاب الكلي من قطاع غزة، والتمسك بالبقاء في محوري فلاديفيا ونيتساريم بحجج وذرائع واهية، واستباحة القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، الذي يدعي ايلاند ان "حرب التجويع حتى الموت" يتوافق مع القانون الدولي؟ لا أعرف عن أي قانون دولي يتحدث؟ وهل اتفاقيات جنيف الأربع تسمح بطرد السكان من أماكن سكناهم وتجويعهم حتى الإبادة؟ وهل تتوافق وثيقة منتدى الجنرالات مع أي نص قانوني وضعي او ديني أو حتى عرف إنساني، الا عند النازيين أمثالهم؟
لكن النازية الصهيونية وحكومتها الإسرائيلية الأخطر على اليهود الصهاينة والشعب الفلسطيني والاقليم عموما تحرف القانون الدولي وفق مشيئتها وخياراتها وأهدافها الوحشية لإبادة الشعب الفلسطيني في عموم الوطن الفلسطيني، وليس في قطاع غزة فقط. وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية وحكومتها وضع الخطط الكفيلة بمواجهتها فلسطينيا وعربيا واسلاميا ودوليا. خاصة وان دورة الجمعية العامة الجديدة على الأبواب، وأيضا من الضروري تفعيل در الجاليات والسفارات الفلسطينية في دول العالم بالتحرك لفضح وتعرية حكومة نتنياهو النازية، والاستعانة بالأصدقاء من الاميركيين والأوروبيين واللاتينيين والأفارقة والاسيويين لتوسيع حملات التعرية والملاحقة في المحاكم الدولية: محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، والعمل على عزل إسرائيل، ونزع الاعتراف بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، ومطالبة الأمم المتحدة، اسقاط الاعتراف بها كدولة، واعتبارها خارجة على القانون، كونها دولة إبادة جماعية، وقبل ذلك تصعيد المقاومة الشعبية وفق خطة وطنية شاملة وواسعة لحماية الكيانية الفلسطينية وثبات ورسوخ أبناء الشعب في وطنهم..