ماذا بعد تهجير وهدم مخيم جنين وطولكرم ونور شمس ؟؟

الكاتب: صلاح علي موسى
العنوان هو التهجير، وما على الطريق الا التذويب والتحلل في بيئة جديدة تشكل طردا لكل ما هو رمزا او يوحي لهوية اللجوء وحلم العودة، لن تعودوا الى مخيماتكم، لا مجال للسلطة ان تعيد توطين ابناء المخيمات في بيوت متنقلة، يمنعهم الاسرائيلي من ذلك. لا الانروا مسموح لها بالعمل، ولا مدارس او خدمات صحية او مساعدات اجتماعية.
اذن بيئة المخيم وبكل ما فيه من رموز تتعلق بالصحة والتعليم والعمل والتمثيل هو الهدف، الهدف القادم سيكون حل اللجان الشعبية في المخيمات او تاكل دورها الى ان تتحلل في مناطق الوجود الجغرافي الجديد.
ان كانت الرسالة العملية هو نفي الهوية وهدم مباني الذكريات ومصادرة احلام العودة الى المخيم والانخراط في بيئة المدينة او القرية، فان ذلك يعني ان المخطط اصبح واضح، وان المكونات الاجتماعية والاقتصادية للمخيمات وصلت الى نهايتها.
من اجبر على النزوح عليه ان يتأقلم مع الواقع الجديد، الطلاب سيلتحقون في مدارس المدن وليس بمدارس الوكالة، والمرضى سيراجعون في مديريات الصحة وليس في صحة الوكالة، وامتيازات الاعفاء من الضرائب ورسوم التراخيص وغيرها لم تعد قائمة او مسموح بها، لا انشطة رياضية خاصة بالمخيم، فلا فريق لكرة القدم او كرة السلة او غيرها، لا مركز اجتماعي يرعى الانشطة ويحوي كل اطياف المخيم، وبالتالي لا مجال للابقاء على اللجان الشعبية للمخيمات فتصبح مع الوقت غير ذي صلة فلا اعمال لها ولا دور عليها ولا معنى لاستمرارها، حيث ان الانتخابات غير ممكنة الانعقاد لانتخاب اللجنة الشعبية، ومن تدافع عنهم اللجنة اصبحوا يعيشون في بيئة مختلفة ومحيط جديد، بيئة المدينة او القرية او البلدة.
اذن نحن امام واقع جديد يتجسد بمحو المفهوم من الوعي الفردي والجماعي وازالة الصورة عن الوجود، الغياب سيمتد الى القبول التدريجي في التغيير الى ان تغيب صورة المخيم.
ستجد البعض من اصحاب الراحة، يجدونها فرصة للتخلص والتساوق مع هذا المشروع، تحت مبررات مقنعة لضميرهم الغائب الحاضر في لفتات الحاجة، وسينظر البعض لضروروة التعامل مع المعطيات والحقائق على الارض لتجد من كان يطرح نفسه ممثلا للمخيم لا وجود تجسيدي له، فيضعف ثم يتلاشى وبذلك يحقق القوى ما اراد، خاصة وان المرحلة لا تعكس الا الخلاص الفردي، فلا قيمة بقية ولا مكان بقيه للمنافسة من اجل الوجود.
المطلوب للحفاظ على هوية المخيم ان يعيد من يحملون المخيم ثقافة وحضورا وتمثيلا تعريف دورهم في السياق ذات الخصوصية لهذه المرحلة، وعدم الاكتفاء بتكرار ما كان قبل التهجير والهدم، لان الاستمرار على ذات المنوال سيهدم شرعيات الوجود ويتاكل مبرر الوجود بشكل تدريجي، فاللجان الشعبية يجب ان تحوز على المكان وتعيد تنظيم السياق الزماني بما يتوافق مع خارطة الوجود البشري في كل محافظة بحيث تتكفل بالبقاء المتصل لا الحضور الاحتفالي او الاصرار على التمثيل امام الجهات الرسمية فقط.
حكاية المخيم اما ان تدفن بما لهذه المرحلة من تداعيات او تعيش بالحضور الجمعي المحفوف بالحاضنه الشعبية والانسانية في المدن والقرى والبلدات.
لذا الخيار بايدي اهل المخيمات ومن يمثلهم في البقاء على وجه القبول والبقاء او ان تتاكل الادوار وتذوب بمشهدية تراجيدية، لتتحول الى ذكرى يتم احيائها على هامش التطورات او على عجلة من التذكير.