وجعٌ لا يشيخ … في ذكرى الانتفاضة الأولى
الكاتب: د. عدنان ملحم
نقطة ضوء .
في مثل هذا اليوم، تعود فلسطينُ بذاكرتها إلى الأزقة الضيّقة التي كانت تتّسع لكرامةٍ أكبر من العالم، وإلى الحجارة الصغيرة التي حملت وزناً لا يُحتمل من الغضب والأمل. تعود إلى الأطفال الذين كانوا يسرقون من الليل بعض الضوء، ليكتبوا على الجدران أسماء الشهداء، وإلى الأمهات اللواتي كنّ يفتّشن بين الدخان عن وجوه أولادهنّ، ويخفين قهرهنّ بين دعاءٍ وآية.
في ذكرى الانتفاضة الأولى، نشعر أن الزمن نفسه يقف احترامًا لذلك الجيل الذي لم يكن يملك شيئًا… سوى الإرادة. كانوا يواجهون الأعتى، بلا حسابات سياسية ولا شعارات فخمة؛ فقط قلبٌ يعرف أن الظلم لا يُجالَس، وأن الحرية لا تُؤخذ بالانتظار.
اليوم، تعود فلسطين حزينةً أكثر، لكنها ما تزال تمشي على أطراف الذاكرة. تتساءل: هل يذكرها الذين كبروا؟ هل ما زال في البيوت مكان لصوت الحجر حين كان يسقط على الأسفلت؟ هل بقي في الممرات ظلٌ لأولئك الذين صنعوا التاريخ بأيديهم العارية؟ .
يا فلسطين…
في ذكرى الانتفاضة الأولى، نعتذر لأننا لم نَحفظ الوصية كما يجب، ولأن شوارعك تعرف أسماء الذين رحلوا أكثر مما تعرف وجوه الذين بقوا. نعتذر لأن القلوب تعبت، لكنّك ما زلتِ أنتِ… لا تتعبين.
ورغم الحزن، تبقين الحقيقة الوحيدة التي لا تغيب. تبقين الوطن الذي ينهض كلما ظنّ العالم أنه سقط، وتبقين الذاكرة التي لا تموت، مهما ثقل الغبار فوقها.

