الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:08 AM
الظهر 11:38 AM
العصر 2:22 PM
المغرب 4:46 PM
العشاء 6:07 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

"أول رئيس يهودي"

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

هكذا قال الإعلامي الأمريكي اليهودي مارك ليفين، واصفاً الرئيس دونالد ترامب خلال احتفال أُقيم في البيت الأبيض احتفالاً بعيد الحانوكا يوم الثلاثاء الماضي، وأضاف ليفين وهو يضع ذراعه على كتف الرئيس، إن ترامب يحب إسرائيل، لم يعترض الرئيس ولم يصحح الكلام أو يقلل من وقعه، بالعكس من ذلك، فقد بدى سعيداً بالوصف، وفي كلمته أمام الحشد الأمريكي اليهودي، حرّض على أعضاء من الكونغرس متهماً إياهم بكراهية إسرائيل، وحذّر من تنامي ظاهرة العداء للسامية في الكونغرس خاصة وفي البلاد عامة، ثم تفاخر بالقول إنه أعدّ ورقاً كثيراً لتعداد ما قدمه لإسرائيل، فهي أعمال من الكثرة بحيث لا يذكرها ولابد من إيرادها جميعاً، ويبدو أن الكلام كان حماسياً جداً إلى درجة أن صعد الإعلامي المذكور آنفاً وقال بلغة احتفالية واستعراضية إن ترامب أول رئيس يهودي، المفاجأة ليست هنا حقاً، المفاجأة أن أحداً لم يعترض ولم يستنكر ولم يرَ في ذلك غرابة أو استهجاناً، تصور لو أن ذلك حدث في دولة أخرى مع شعب آخر، تصور لو أن ذلك قيل في إسرائيل نفسها عن رئيسها أو رئيس وزرائها، فما الذي يمكن أن يحدث؟

يمكن القول إن ما حدث لم يشكل صدمة لأحد، على الأقل في أوساط النخبة الأمريكية من ساسة وأثرياء ومشرعين وإعلاميين ورؤساء صحف وبنوك وشركات وعائلات متحكمة، ذلك أن هناك ما يشبه العقد غير المكتوب على اعتبار إسرائيل – بالحمولة الدينية بالذات – أولوية بالنسبة لصانع القرار الأمريكي، بما يشمل ذلك التربية والتعليم والمرجعيات والتقاليد وقواعد السلوك.

لهذا نفهم ذلك الغضب العارم الذي شعرت به أوساط عديدة في الولايات المتحدة من اندلاع موجة واسعة من انتقاد إسرائيل ومحاصرة سياساتها والسؤال عن طبيعة هذه العلاقة المكلفة اقتصادياً وأمنياً وأخلاقياً، وقد جرفت هذه الموجة معها مثقفين وأكاديميين وإعلاميين وسياسيين ومؤثرين، وزادت من عُمق الخلافات بين الأمريكيين بحيث صارت العلاقة مع إسرائيل وجدواها سؤالاً يومياً في الفضاء العام الأمريكي.

الحفاظ على صورة إسرائيل وعلى رسوخ العلاقة مع الولايات المتحدة، دفعت اللوبي الصهيوني واليهودي بكل أذرعه وأدواته ووسائله ورموزه إلى التموضع من جديد والهجوم بلا هوادة بطريقة جديدة تماماً، كان الكلام واضحاً ودقيقاً وصريحاً إلى حد الإهانة، إذ سيتم تدريب عشرة آلاف قِس من المسيحية الصهيونية لحماية إسرائيل من النقد والمسائلة، فلا فرق بين إسرائيل واليهودية والصهيونية، وأفعال إسرائيل مبررة وشرعية، أكثر من ذلك، وقفت رئيسة

جمعية أُخرى معنية بمطاردة معادي السامية وقالت بصريح العبارة إن معاداة السامية تختفي وراء محاصرة إسرائيل ومحاكمتها، وإن هذا لن يمر دون حساب، فمن يُقدِم على انتقاد إسرائيل أو الإعلان عن كراهية اليهود سيتم ملاحقته وتشويهه ومحاكمته وفصله من عمله ومطاردته إلى آخر يوم في حياته، كانت تلك المرأة حادة جداً في أقوالها وتهديداتها إلى درجة المس بالحقوق الأساسية للمواطن الأمريكي.

الجديد هنا هذه العلنية وهذه الصراحة وهذا التهديد، والجديد أيضاً أن اللوبي الصهيوني اليهودي أصبح أكثر نشاطاً وأكثر ضغطاً، إلى درجة أن الكونجرس يسارع إلى سن تشريعات فيها انقلاب على التقاليد القانونية للبلاد حماية لما يعتقدون أنه انتقاد لإسرائيل أو معادة للسامية، تشريعات طالت حق التعبير وحق الانتفاع بالأموال العامة وحق الحصول على الجنسية.

وقد طالت هذه الإجراءات الشعب الفلسطيني، فهناك قرار جديد بمنع حامل جواز السفر الفلسطيني من دخول الولايات المتحدة، في انحياز سافر للضغوط الإسرائيلية وفي تنكر لدور الوساطة أو الرعاية الأمريكية.

ويبدو أن هذا اللوبي أخذ بعين الاعتبار الانتقادات الواسعة المتعلقة بالدعم المالي المقدم لها بدون حساب من الخزينة الأمريكية المفلسة أصلاً وذات المديونية العالية، ولهذا تسعى إسرائيل إلى تقديم مشروع مختلف للمساعدات مدته عشرين سنة يبدو ظاهرياً وكأن الولايات المتحدة تستفيد منه، بحيث تبدو هذه المساعدات وكأنها تعود بالربح والفائدة على الشعب الأمريكي.

لهذا تبدو أقوال مارك ليفين في البيت الأبيض تعبيراً عن رغبته في تعزيز الهجوم على الوعي والصورة والأسلوب الجديد، وهذا يعني أن اللوبي الصهيوني وبدلاً من الاختباء أو التراجع بسبب موجة النقد الواسعة فإنه يبادر بالهجوم الصريح والسافر.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...