الدبلوماسية الفلسطينية .. تتقدم!!
الكاتب: هاني حبيب
رايه نيوز: سمعة اسرائيل لدى المنظمة الدولية، الأمم المتحدة، باتت في الحضيض، المجتمع الدولي أخذ يصف اسرائيل في الجلسات الخاصة عندما يعقدها الزعماء، كدولة مارقة لا تلتزم بالقوانين الدولية ولا الاخلاقية، جدل في اسرائيل حول من يتحمل مسؤولية هذا التدهور في سمعة اسرائيل على كافة الأصعدة، سفيرة اسرائيل لدى المنظمة الدولية التي اعترفت بتدهور سمعة الدولة العبرية قالت ان مساعيها للحفاظ على صورة جيدة لها في المنظمة الدولية باءت بالفشل، تقول السفيرة غابرييلا شاليف، القت باللائمة على ذلك، على دخول عدة دول "غير ديمقراطية" إلى عضوية المنظمة الدولية، وان "النفاق المزدوج" الذي يعبر عنه ممثلو العديد من الدول، يجعل من الصعب التعرف على حقيقة المواقف التي اتخذتها دولهم ازاء القضايا المطروحة على المنظمة الدولية، ولا تتجاهل شاليف الحديث عن مسؤولية الادارة الاميركية الجديدة برئاسة أوباما التي اتبعت سياسة انفتاح وتقارب مع دول لا تكن الصداقة مع اسرائيل، بل اتهمت شاليف السفيرة الاميركية لدى المنظمة الدولية سوزان رايس، بشكل ضمني، بمسؤوليتها ازاء تدهور سمعة اسرائيل لدى المنظمة الدولية.
شاليف التي ستغادر منصبها بعد عامين، وربما قبل ذلك، رأت ان الأمم المتحدة تعتقد ان وزير الخارجية الاسرائيلي ليبرمان ليس من اولوياته قيام علاقات جيدة مع المنظمة الدولية.. لكنها، شاليف، أقرت ان عملية الرصاص المصبوب وتقرير غولدستون والحصار على غزة اضافة إلى الهجوم على قافلة المساعدات البحرية إلى غزة مؤخراً، كلها زادت من حدة الانتقادات لاسرائيل.
ربما لن تكمل السفيرة شاليف مهمتها في الأمم المتحدة، حتى نهايتها بعد عامين، لأن هناك اشارات سياسية واعلامية في اسرائيل تشير إلى تحمل السفيرة ذاتها مسؤولية تردي سمعة اسرائيل في المنظمة الدولية، لعدم كفاءتها ومقدرتها على الدفاع عن المواقف الاسرائيلية وتبريرها. وهناك اجماع اسرائيلي ثابت على ان هناك تدهوراً في سمعة الدولة العبرية، لكنهم يختلفون على اسباب ذلك، بعضهم يرى ان الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو، والذي تلعب فيه الاحزاب اليمينية المتطرفة الدور الرئيسي، عادة ما لا يضع أهمية للدور السياسي والديبلوماسي، والاعتماد على عناصر القوة في التصدي لأي موقف، ووزير الخارجية ليبرمان، الذي استخف بمقتضيات العمل الدبلوماسي، وتصريحاته المتطرفة، والمقززة في أحيان عديدة، لعبت دوراً مهماً في انكفاء السياسة الدولية عن التعامل معه، لكن هناك قلة تعترف بأن السلوك الاسرائيلي على كافة الأصعدة، هو الذي يتحمل مسؤولية ما وصلت اليه سمعة الدولة العبرية من تدهور، وان الحديث عن فشل السفيرة شاليف، انما هو مبرر لتجاهل الاسباب الحقيقية وراء فشل الاطقم السياسية والدبلوماسية في الحفاظ على سمعة جيدة للدولة العبرية.
وتقديري، ان سمعة اسرائيل لم تتدهور إلاّ اذا عرضنا الأمر على ردود الفعل العلنية، اسرائيل كانت ولا تزال دولة مارقة ومتمردة على القوانين الدولية منذ قيامها العام 8491، الجديد في الأمر، ان هناك جرأة من ممثلي المجتمع الدولي، أكثر من السابق في اعلان مواقفهم ازاء اسرائيل وسلوكياتها الاجرامية، واليمين الفاشي الاسرائيلي الذي يقوده نتنياهو، سهل من أمر الوصول إلى مثل هذه الجرأة في تعامل الدول وممثليها مع الدولة المارقة، انكشاف اسرائيل أكثر من أي وقت مضى أمام العالم أجمع، هو احد أهم "مزايا" الطاقم اليميني الفاشي الذي يقود اسرائيل، ويقدم خدمة للحقيقة التي غابت مرات عديدة، بسبب ذكاء قادتها السابقين.
وبينما تخوض اسرائيل معركة ضد ممثلتها في الأمم المتحدة، تحقق القيادة الفلسطينية خطوات ايجابية على الصعيد السياسي والدبلوماسي، فرنسا ترفع مستوى التمثيل الفلسطيني، بينما الولايات المتحدة ترفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى "بعثة عامة" بعدما كان مكتب منظمة التحرير في واشنطن، مجرد مكتب، لا يستطيع ان يرفع العلم الفلسطيني عليه، ولا يتمتع رئيسه وطاقمه بأي حصانة.
البعض ربط هذا الانجاز، بمسعى اميركي أساساً في رشوة أبو مازن، للقبول في الدخول في مفاوضات مباشرة والتراجع عن الاشتراطات الفلسطينية حول ضرورة ان تؤدي المفاوضات غير المباشرة إلى تقدم في ملفي الأمن والحدود، لكني أعتقد ان مسألة التغيير في مستوى التمثيل الدبلوماسي لا تخضع لاشتراطات لحظة معينة، بل ان الجهد الفلسطيني استمر لتحقيق هذا المستوى من التمثيل الدبلوماسي منذ ثلاث سنوات، ربما ساعدت الأجواء المحيطة، والبيئة السياسية، وانكشاف اسرائيل وافتضاح عجزها وعدم رغبتها في التقدم في العملية التفاوضية، إلى توصل بعض العواصم إلى ضرورة التعجيل في رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني.. سمعة فلسطين في القمة، بينما سمعة اسرائيل في الحضيض، هذه هي المعادلة التي تعبر عنها هذه الانجازات السياسية التي لا ينبغي النظر اليها وكأنها تحصيل حاصل، أو باعتبارها منحة مجانية لا أكثر!!
لكن مثل هذه الانجازات ستظل من دون معنى حقيقي، فيما لو ظلت آليات العمل الدبلوماسي الفلسطيني على حالها، سواء لجهة اختيار السفراء، او لجهة الزام السفراء بالالتزام بالنظم والقوانين، خاصة في مجال "التقويم الزمني" لمهمة السفير في عاصمة ما، ناهيك عن الشائعات التي تنطلق من كل صوب، لدى أي تعيين لسفير، أو رفض سفير لتعيين بعض أفراد طاقمه، أو التمرد والبقاء في السفارة ومنزل السفير، عندما يتم تعيين بديل.. تلاشت نسبياً هذه الشائعات، مع ذلك، فان الانجاز الحقيقي على الصعيد الدبلوماسي الفلسطيني، يبدأ من البيت الفلسطيني، من الدبلوماسية الفلسطينية وصناعتها على أسس صحيحة وسليمة بعيداً عن المهاترات، والعائلية والعشائرية التي اتسمت بها لبعض الوقت!!