نصائح رامون ... وضغوط أوباما
الكاتب: نبيل عمرو
رايه نيوز: نحن في ورطة حقيقية، ومن ينكرها، إما أن يكون قليل الإدراك أو من النوع الذي لديه حلول لغوية أو جدلية لكل مأزق نواجهه.
لقد أضعنا سنة وربما أكثر قليلا، ونحن نقاتل طواحين الهواء، وها هي عناوين معاركنا:
-تقرير غولدستون، أجلناه ثم عدنا عن التأجيل وكسبنا في التصويت ولا أحد يعرف أين هو الآن.
-قاطعنا نتنياهو، ثم أرغمنا على إنهاء المقاطعة بمصافحة خجولة حدثت في رحاب الرئيس أوباما.
-قاطعنا المفاوضات، وذهبنا إلى حل وسط هو المفاوضات غير المباشرة.
-طرحنا وقف الاستيطان أو تجميده أو حتى مجرد الإعلان عن ذلك من أجل حفظ ماء الوجه، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، بل إننا تحدثنا عن مزايا تجميد إسرائيل للاستيطان، الجزئي والمؤقت، أكثر مما تحدث الإسرائيليون كي نستر عورتنا.
-وضعنا شروطا للانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المباشرة، وأبلغنا من طرف الاسرائيليين والأميركيين باستحالة قبول أي من شروطنا، وها نحن نحاول إيجاد مخرج ولو شكليا.
-ذهبنا إلى العرب، حصلنا على غطائهم للذهاب إلى المفاوضات غير المباشرة، وحين طلبنا غطاءهم للذهاب إلى المباشرة أظهروا كل مواهبهم في الدهاء فوجهوا رسالة مزدوجة، واحدة لأميركا يقولون فيها إننا لا نعارض المفاوضات المباشرة، وأخرى إلى الرئيس عباس يقولون له فيها أنت من سيقرر في آخر الأمر.
- وآخر ما حرر، أن شخصا من جانبنا، قال إن الرئيس أوباما يضغط علينا للذهاب إلى المباشرة، بل ويهددنا بأنه إذا لم نذهب من دون قيد أو شرط، فإن عقابا فعالا ينتظرنا كما لو أن ملف المفاوضات صار بموازاة الملف النووي الإيراني وربما أكثر خطورة.
إن استخدام بعضنا ضغط أوباما علينا، وتهديده لنا، هو نوع من محاولة التجنيد البائس للشعب الفلسطيني كي يتفهم الإذعان ويؤيده، وإلا فإن من سيدفع الثمن كثيرون بدءا بالراتب الشهري وليس انتهاء ببعض التسهيلات المعيشية الهامشية، الا أن ضغط أوباما يبدو كما لو أنه ضغط من أجل مصلحة نتنياهو، وليس مصلحة إسرائيل والفلسطينيين والسلام، كما درجت العادة على القول. هكذا يرى حاييم رامون الأمور، ورامون في إسرائيل ليس مجرد شخص صاحب رأي بل هو ممثل معتبر لاتجاه الاعتدال في المؤسسة الاسرائيلية بشقيها الحاكم والمعارض. ولقد نصحنا بعدم الذهاب إلى المفاوضات المباشرة، ليس لأن نتنياهو لن يعطي شيئا وإنما وفقا لما قاله الصحافي الاسرائيلي جدعون ليفي، لأن هذه المفاوضات بهذه الصورة ومع نتنياهو ستؤدي إلى نتائج كارثية على الصعد السياسية وربما الأمنية.
وإذا ما أمكن لعباقرتنا التعامل مع ضغط أوباما وفي ذات الوقت التعامل مع نصائح رامون فكيف سيتمكنون من مواجهة الوضع الفلسطيني الذي مزقته الاجتهادات المتسرعة والخيارات المتناقصة، والخيبات التي تغلف إعلاميا بورق السوليفان وتقدم للمواطن على أنها انجازات عبقرية ما دام رأسمالها كلاما في كلام.
إن الصورة الآن استقرت على التالي:-
- رفعت أميركا تمثيلنا في واشنطن درجة واحدة إلى الأعلى، فرقصنا وركَّبنا الدلالات وكذلك فعلت فرنسا وكذلك ستفعل دول كثيرة، بعضنا قرأ هذا على أنه مقدمة للدولة، والبعض الآخر قرأه على أنه جائزة ترضية للاعب الخاسر.
- تحول أوباما بمنطق إخواننا صناع السياسة عندنا، من سند قوي وداعم نزيه إلى ضاغط ومهدد حتى بلقمة العيش، من أجل أن نذهب إلى بيت الطاعة من دون قيد أو شرط، وما أن يجلس مفاوضنا على الطاولة، حتى يختفي السند الأميركي، وتظل الغرف ممتلئة بجماعة نتنياهو، الذين ربما يضعون النقاط على الحروف، هذا أو هذا .. ولا خيار.
هذه هي الصورة الآن بكل صراحة ووضوح، من أوصلنا إلى هنا، وكيف وصلنا؟ الجواب معروف ولو أنه لم يعد مهما ما دمنا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه بالفعل، ذلك أن المهم هو الاجابة عن السؤال من سيخرجنا مما نحن فيه وكيف؟ دعونا ننتظر الأجوبة، وهذه المرة يستحسن أن تكون مدروسة وصريحة ومباشرة، فلقد دفعنا ثمن الارتجال غاليا.. وإذا كانت الظروف تحتمل أخطاءً ونحن في الطريق إلى الكمائن التي أعدت لنا خلال السنوات الماضية، إلا أن الخروج من الكمائن يحتاج إلى دراية حقيقية، وليس إلى مناورات إعلامية.
إن أخطاء الماضي أوصلتنا إلى قلب الكمين، ولو تكررت هذه الأخطاء ونحن نبحث عن مخارج من المأزق، فذلك يعني النهاية لامحالة، وسنرى!
الخطأ السياسي منذ الآن سيكون قاتلا.