ترامب والقضية الفلسطينية.. هل من جديد؟!

الكاتب: بهاء رحال
المشهد في الولايات المتحدة والتي شهدت مؤخرا تنصيب الرئيس الجديد دونالد ترامب خلفاً للرئيس السابق باراك اوباما الذي ترك البيت الأبيض بعد أن أمضى فترتين رئاسيتين لمدة ثماني سنوات اعتدنا خلالها على رؤية اوباما الرئيس الذي علق عليه العالم الكثير من الآمال لحظة توليه الحكم، فخاب ظن العالم الذي أغرقه اوباما بالتطرف والمزيد من الارهاب والخراب، خاصة في منطقتنا العربية التي شهدت أصعب محطاتها خلال حقبة الثماني سنوات التي كان فيها أوباما سيد البيت الأبيض، ذلك الرجل الذي جاء إلى القاهرة وألقى خطابا في جامعتها رافعا شعارات السلام والتسامح..
وهذا ما عول عليه البعض قبل أن يكتشفوا حقيقة الخداع الذي مارسه بذكاء، فانتهي التعويل عليه بالعويل على ما أصاب المنطقة برمتها من خراب.
ترامب الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة، في مشهد احتفالي رسمي ضخم، وبتكلفة مالية قيل أنها الأعلى وأنه احتفال لم يحظ به رئيس من قبل من حيث التكاليف المالية، فإن عملية التنصيب في الوقت ذاته قوبلت برد فعل شعبي غاضب، ومسيرات ضخمة خرجت للتنديد بتوليه الرئاسية، رافضة وجوده على كرسي البيت الأبيض، وهذا أيضاً أمر لم يحدث من قبل في تاريخ الولايات المتحدة، حشود المواطنين تعرضت في ذات الوقت الى عمليات اعتقال من قبل الشرطة وأجهزة الأمن الأمريكية التي تدافعت لمواجهة المظاهرات الغاضبة.
وهذا يجعلنا نتساءل حول الديمقراطية وحقوق الانسان التي تدعي أمريكا نشرها في دول العالم، بينما ظهرت حقيقتها وهي تتنكب لأبسط تلك الحقوق، وهو حق التظاهر، فكيف لها أن تواصل ادعاءها بعد ما شاهدناه من صور الغضب والاحتجاج؟!
ترامب الذي سبقت تصريحاته عملية توليه الحكم وهو ينادي بشعارات معادية لنا كفلسطينيين على وجه الخصوص، رافعاً صوته في دعم الجانب الاسرائيلي، ومستوطناته، وواعداً لهم بمزيد من الانحياز، ومزيد من التماهي، ومزيد من التهويد وسلب الحقوق، هكذا كانت تصريحاته التي ظهر فيها بأنه غير آبه بالقرارات الدولية وغير مكترث لها، وأنه سوف يضربها بعرض الحائط، حتى بدا للبعض أنهم تفاجئوا بما يقوله، وكأن سابقيه في الحكم قالوا غير ذلك، أو كأنهم فعلوا شيئاً لا يقع في دائرة الانحياز المطلق لإسرائيل، فما الجديد في تهديدات ترامب ووعوده، وبماذا سيختلف عن رؤساء الولايات المتحدة الذين ما توقفوا يوماً عن دعم ومساندة الاحتلال بشتى الوسائل والطرق وفي كل المحافل.
في حقيقة الأمر، لا جديد، فالانحياز ذاته، والقرارات ذاتها، ولم يختلف إلا هذا الضجيج الذي يصدره ترامب في نبرات صوته العالية، وهذا كل ما في الأمر، وما سنشهده في حقبة ترامب لن يحمل في طياته غير الانحياز الذي اعتدنا عليه من قبل الحكومات المتعاقبة للولايات المتحدة التي تمنح الاحتلال غطاء وتدفعه نحو المزيد من التطرف التي يمارسها بحق شعبنا، وهذا هو موقف الولايات المتحدة السابق واللاحق، وكأن شيئاً مختلفاً سيحدث، خاصة ونحن نسمع البعض يصور المشهد، وكأنه كان بأفضل حال في عهد الرئيس اوباما أو من سبقوه من رؤساء تشهد عليهم قرارات الفيتو وسياسات الانحياز المطلق التي ساروا عليها خلال فترات ترؤسهم البيت الأبيض.
ترامب مثله مثل أوباما، وكما كان كلينتون وبوش الأب والإبن، جميعهم يدورون في ذات الفلك الذي يعمل لبقاء دولة الاحتلال أولاً كقوة كبرى في المنطقة، بينما تزداد الدول العربية ضعفاً وانقساماً وتخلفاً وينتشر الخراب أكثر فأكثر ويعمّ الجهل بشكل أوسع، فمهما تغيرت التصريحات، تبقى السياسة الأمريكية واحدة في الإنحياز والسعي الى إضعاف الأمة العربية كي لا تقوم لها قائمة من جديد.
في النهاية نقول: ترامب أيها الداعي لنقل السفارة الامريكية إلى القدس، والراعي للمستوطنات التي تبتلع الأراضي الفلسطينية، لا أهلاً ولا سهلا.