"قنابل صحية موقوتة".. مراكز الإيواء في غزة تواجه خطر الانهيار الصحي

غزة – رغد إيهاب الغصين
وسط مدارس تحوّلت إلى مراكز إيواء مؤقتة، تصارع آلاف العائلات في قطاع غزة ظروفًا إنسانية مأساوية، حيث باتت حياة النازحين مهددة بسبب التدهور الحاد في الأوضاع الصحية، في ظل غياب البنية التحتية، ونقص الرعاية الطبية، وتفاقم الازدحام داخل تلك الملاجئ المكتظة.
بيئة خصبة للأمراض
أكثر من عشر عائلات تضطر للعيش في غرف ضيقة لا تتوافر فيها أبسط مقومات النظافة أو التهوية، ما جعل من مراكز الإيواء بيئة مثالية لانتشار الأمراض المعدية، وعلى رأسها الالتهابات الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي، خاصة في أوساط الأطفال وكبار السن.
ويؤكد أطباء ميدانيون أن غياب الصرف الصحي ومرافق المياه النظيفة يفتح الباب أمام تفشي الأوبئة، في وقت يبدو فيه التعامل مع أبسط الحالات الطبية أمرًا بالغ الصعوبة.
نقص حاد في المستلزمات والأدوية
تقول أم ناصر العشي، وهي ممرضة تعمل في أحد مراكز الإيواء بغزة: "نحن نفتقر إلى كل شيء تقريبًا. الأدوية غير متوفرة، لا كمادات، لا مطهرات، ولا حتى أدوات بسيطة لعلاج الحالات الطارئة. إذا كانت معالجة نزلة برد تتطلب جهدًا كبيرًا، فكيف يمكننا التعامل مع الجروح أو العدوى المعقدة؟"
وتضيف بحرقة: "حتى مياه الشرب ملوثة، والنظافة أصبحت رفاهية غير متاحة. لا أستطيع تخيل أن أطفالي يعيشون في هذه البيئة."
الخطر يتصاعد مع استمرار النزوح
مع تواصل العدوان الإسرائيلي، وتدمير أكثر من 70% من المنشآت الصحية في القطاع، أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية في غزة، مشيرة إلى أن المستشفيات المتبقية تعاني من نقص حاد في الوقود والإمدادات، ولا تستطيع مواكبة الأعداد المتزايدة من الجرحى والمرضى.
أصوات من الداخل
العائلات المقيمة في مراكز الإيواء عبّرت عن قلقها من غياب الرعاية الصحية المستمرة، خاصة لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري والضغط، وسط شح في الأدوية الضرورية، ما يزيد من خطر تدهور حالتهم الصحية.
انفجار وشيك
في ظل الاكتظاظ المتزايد، وتردي الظروف الصحية، وغياب الحلول السريعة، تتحول مراكز الإيواء إلى ما يشبه "قنابل صحية موقوتة"، قد تنفجر في أي لحظة إذا استمرت الأزمة دون تدخل عاجل.
ويبدو أن الخطر لا يهدد الحاضر فقط، بل يرسم ملامح كارثة إنسانية تطلّ برأسها من خلف أبواب مغلقة على الألم، ومعاناة تتزايد يومًا بعد يوم.