التربية دون صراخ أو عقاب جسدي.. د. أبو حويج تضع خارطة طريق لفهم الأطفال ومشاعرهم
في زمن التحديات النفسية والضغوطات اليومية التي يعيشها الأهل والمربون، تبرز الحاجة لفهم أعمق لطبيعة الأطفال وسلوكياتهم بدلًا من الاكتفاء بأساليب العقاب التقليدية.
في لقاء خاص ضمن برنامج "رايـة"، حذّرت د. ريم أبو حويج، الأخصائية والمعالجة النفسية والمحاضرة في جامعة دار الكلمة، من استخدام الضرب والصراخ كأساليب تأديبية، مؤكدة أن السلوك هو لغة الطفل، خاصة في بيئات مليئة بالفوضى والقلق.
وقالت أبو حويج: "تربية الأطفال مش سهلة، لكن التعامل معهم ممكن يكون أسهل لما نتفاعل مع سلوكياتهم أولًا بأول، بدل ما نترك الأمور تتراكم."
وأكدت أن فهم الخطأ الذي يرتكبه الطفل أهم من العقاب، مشيرة إلى أن الأهل بحاجة أولًا لفهم مشاعرهم الذاتية قبل رد الفعل على تصرفات أبنائهم: "الأهم نكون فاهمين شو اللي بيتحرك فينا لما نشوف تصرفات أولادنا، عشان رد فعلنا ما يكون انعكاس لمشاكلنا الذاتية."
وشددت أبو حويج على أن سلوك الطفل هو "لغة"، خصوصًا في أوقات الأزمات وعدم الاستقرار، مشيرة إلى أن الأطفال يعبرون عن خوفهم وعدم قدرتهم على فهم مشاعرهم من خلال تصرفاتهم.
وأضافت: "الطفل اليوم مش دايمًا محتاج شرح منطقي، هو محتاج حضور جسدي، قرب، نظرة، ونبرة صوت دافئة."
كما دعت الأهل والمربين إلى تعزيز التواصل الجسدي مع الأطفال، وخاصة في ظل الضوضاء النفسية التي يعيشها الجميع، قائلة:
"الطفل بيحتاج احتضان، حدا يمسك إيده، يطمنه من خلال نظرة أو نبرة."
وبخصوص كيفية التعامل مع الطفل المشاغب أو العنيف، أوضحت: "بدل ما نقول لا وما بدي أشوفك بتعمل هيك، نحكي: شايفك متضايق، بس ما بقدر أسمحلك تأذي حالك أو غيرك. خلينا نلاقي طريقة تانية."
وأكدت أن نبرة الصوت عامل أساسي لتوصيل الرسالة، حتى في حال غياب اللغة: "الأطفال بيفهموا نبرة الصوت قبل ما يفهموا الكلام."
وفيما يتعلق بحالات العنف بين الأطفال، نصحت: "بدنا نمسك إيده بدون ما نوجعه، ونفهم منه: ليش بتضرب؟ شو اللي زعلك؟"
وأشارت إلى أن الأطفال في غزة – باعتبارهم في بيئة استثنائية – يعيشون في حالة من الفوضى والضجيج، والاحتضان هو الحل الأنسب لهم حاليًا.
وحذّرت من الضرب والصراخ، معتبرة أنهما أكثر الأساليب ضررًا نفسيًا: "الضرب ممنوع 100%، والصراخ كمان ممكن يترك وصمة نفسية."
وأكدت على أهمية الإصلاح بدل العقاب: "بدل ما نعاقب، نسأل الطفل: شو ممكن تعمل غير هيك؟"
وفي حالات استثنائية، يمكن استخدام الحرمان المؤقت، لكن بشرط أن لا تتجاوز مدة العقاب 5–10 دقائق، دون ترهيب أو تقييد جسدي.
وانتقدت بشدة أسلوب "التوبيخ العلني" للأطفال: "الإحراج والعار من أول المشاعر اللي بيحس فيها الطفل، وبتترك أثر عميق."
وأخيرًا، دعت إلى دعم المربين والمعلمين نفسيًا وتدريبهم على أساليب التربية السليمة، مؤكدة أن الضغط والاحتراق الوظيفي قد يؤديان لسلوكيات خاطئة تجاه الأطفال.