خاص| "شباك الشباب".. خط هاتفي يفتح نافذة الأمل والدعم النفسي في زمن الأزمات
في ظل ما يمر به المجتمع الفلسطيني من ضغوط نفسية متراكمة وأزمات متجددة، برزت الحاجة إلى مساحات آمنة تتيح للأفراد، خصوصًا فئة الشباب، التعبير عن مشاعرهم وطلب الدعم دون خوف من الوصمة الاجتماعية. ومن هنا انطلقت مبادرة "شباك الشباب"، وهي خط دعم هاتفي مجاني أطلقته جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية لتقديم خدمات نفسية وصحية متكاملة، لا تقتصر على فئة عمرية محددة بل تشمل مختلف فئات المجتمع الفلسطيني.
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، أكدت الأخصائية النفسية ومنسقة خط "شباك الشباب" في جمعية الإغاثة الطبية، لينا الشيخ، أهمية هذه المبادرة والآليات التي تتبعها في خدمة المواطنين في كافة مناطق فلسطين.
وقالت الشيخ، إن فكرة الخط انطلقت في بداية عام 2020، نتيجة احتياج لاحظته جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية خلال عملها مع مختلف فئات المجتمع، موضحة أن فئة الشباب كانت تُعاني من تهميش واضح في ما يتعلق بالخدمات النفسية، وهو ما شكل الدافع لإنشاء هذا الخط الهاتفي المجاني.
وأضافت الشيخ، أن المبادرة بدأت في الأصل بالتركيز على فئة الشباب، لكنها ومع تفاقم الأوضاع بسبب الحروب، بدأت بتوسيع خدماتها لتشمل جميع فئات المجتمع، في الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى الداخل الفلسطيني.
وأكدت أن الخط يوفر خدمات نفسية وصحية متكاملة بشكل سري ومجاني، ما يخفف من وطأة الوصمة المجتمعية المرتبطة بالعلاج النفسي، مشيرة إلى أن هذه الخصوصية أسهمت في رفع نسبة الإقبال على الاتصال بشكل كبير.
ولفتت إلى أن فئة الإناث تحديدًا تُقبل على استخدام الخط بشكل أكبر، نتيجة تعرضها لضغوط متعددة، بالإضافة إلى استمرار النظرة الاجتماعية المرتبطة بالعلاج النفسي، ما يجعل وجود مساحة آمنة وسرية للتعبير أمرًا ضروريًا.
وأوضحت الشيخ أن المواضيع التي يُبلَّغ عنها من قبل المتصلين متنوعة، لكنها تتركز في محاور رئيسية مثل القلق، الاكتئاب، الصدمات النفسية، العنف الأسري والجندري، محاولات الانتحار، المشكلات الزوجية والسلوكية، وصعوبات النوم واضطرابات ما بعد الصدمة.
وأشارت إلى أن أحد أهم عوامل جذب المتصلين هو سرية الخدمة، حيث لا يُطلب من المتصلين الإفصاح عن أسمائهم أو بياناتهم، ولا تُسجل المكالمات، رغم وجود آلية توثيق داخلية تتيح للجمعية تطوير خدماتها بناءً على الاحتياج.
وأضافت الشيخ أن الفريق القائم على "شباك الشباب" يضم مختصين نفسيين مؤهلين لتقديم الاستشارات النفسية والدعم المناسب، موضحة أن التدخلات تشمل جلسات دعم نفسي أولي، تقييم نفسي سريع، جلسات تخفيف التوتر، وتقديم تقنيات للتعامل مع القلق ونوبات الهلع، إلى جانب بناء خطط تدخل قصيرة المدى وتعزيز الصلابة النفسية والمرونة.
وأردفت أن هناك كذلك تدخلات صحية متخصصة، خصوصًا للنساء الحوامل في قطاع غزة، تشمل تقديم استشارات طبية، ومتابعة أعراض الحمل، وتوجيه النساء نحو التغذية المناسبة، بالإضافة إلى إحالة الحالات إلى أقرب مركز صحي عند الحاجة.
كما نوهت الشيخ إلى وجود تدخلات طارئة، أبرزها التعامل مع العنف الأسري ومحاولات إيذاء النفس، وتقديم مشورات حول الحماية النفسية داخل البيئات غير الآمنة، وتمكين النساء والفتيات لمواجهة الضغوط المجتمعية والصراعات الأسرية.
وشددت على أن تحويل الحالات إلى مراكز متخصصة يعتبر أحد أهم محاور العمل في الخط، حيث يتم تحويل الحالات التي تتطلب تدخلاً مباشراً إلى مراكز طبية، مؤسسات حماية، أو جهات تقدم الدعم القانوني والاجتماعي، مع متابعة لضمان استمرارية الخدمة وجودتها.
وختمت الشيخ حديثها بالإشارة إلى أن العديد من الحالات تعاود الاتصال بالخط مجددًا، سواء لاستكمال جلسات الدعم أو للحصول على استشارات جديدة، ما يدل على فاعلية الخط وثقة المواطنين بالخدمة.
ودعت الشيخ كافة المواطنين إلى التواصل مع خط "شباك الشباب" عبر الرقم المجاني 1800900700، أو عبر الواتساب على الرقم 0595028658، من الساعة 8 صباحًا وحتى 7 مساءً يوميًا.