خاص| آلة الرقابة العسكرية: كيف تهندس إسرائيل صورتها الإعلامية في زمن الحرب؟

تواصل آلة الرقابة العسكرية الإسرائيلية عملها في السيطرة على المحتوى الإعلامي وتوجيهه لخدمة أهدافها الاستراتيجية، خاصة في ظل المواجهة العسكرية الراهنة مع إيران، حيث تستخدم مزيجاً من الترهيب والترغيب لضمان عدم تسريب معلومات تضر بما تسميه "الأمن القومي".

في حديث خاص لـ"رايــة"، أوضحت الصحفية سلام أبو شرار أن "الرقابة العسكرية ليست جهازاً قائماً بحد ذاته، بل تعمل ضمن وزارة الدفاع الإسرائيلية وتتبع بشكل مباشر لسلاح الاستخبارات العسكرية."

وأشارت أبو شرار إلى أن "تاريخ تطور الرقابة العسكرية يعود إلى القانون الذي سنته سلطات الانتداب البريطاني عام 1933 للرقابة على الصحافة والإعلام، ثم تطور غداة النكبة عام 1948 وأخذ مراحل في التطور إلى أن وصل إلى أن يكون ملحقاً بوزارة الدفاع الإسرائيلية."

وحول آلية عمل هذه الرقابة، قالت أبو شرار: "أي فعل رقابي هو في الأساس يبني على الترهيب، ولكن في حالة دولة الاحتلال هناك مزاوجة ما بين الأمرين لأن خصوصية المجتمع الإسرائيلي تفرض هذا النوع من المزاوجة."

وأضافت: "في المواجهة الحالية بين إيران والاحتلال، دخل الاحتلال هذه المواجهة وهناك العديد من التصدعات التي بدأت تظهر داخل هذا المجتمع منذ أزمة الإصلاحات القضائية قبيل السابع من أكتوبر ولغاية اليوم."

وأوضحت كيف تعمل الرقابة على "تضخيم فكرة أن هناك خطر وجودي تواجهه إسرائيل وأن كل ما يمكن نشره سيكون خدمة مجانية للعدو، بالمزاوجة بين هذين توجه الرقابة خطابها للجمهور الإسرائيلي بألا يتم النشر."

لكن رغم هذه الرقابة المشددة، أشارت أبو شرار إلى أنه "رأينا العديد من مقاطع الفيديوهات التي انتشرت من داخل المناطق التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية، فضلاً عن محاولات الجمهور الإسرائيلي للإفلات من هذه الرقابة عبر قنوات التليغرام وهذا ما شاهدناه منذ بداية السابع من أكتوبر ولغاية اليوم."

وكشفت عن تعامل مختلف مع وسائل الإعلام الدولية، حيث "مع وسائل الإعلام العالمية هناك نوع من التهديد والملاحقة، وهذا ما شهدناه مثلاً في حيفا قبل عدة أيام حينما قامت مجموعات تابعة للشرطة الإسرائيلية بملاحقة العديد من الصحفيين الذين كانوا يصورون في مناطق الاستهداف."

وحول طبيعة ما يُنشر، أكدت أبو شرار أن "إسرائيل تهتم بهندسة صورتها الإعلامية خصوصاً في فترات مثل الفترة الحالية، وبالتالي في الغالب الأمر يتم نشره بعد موافقة من الرقابة العسكرية."

وأضافت: "تريد إسرائيل أن ترسم صورة ما في وعي المتلقي العالمي الفلسطيني العربي، وبالتالي هي تحاول قدر ما تستطيع أن تراقب وتضبط هذا."

وكشفت أبو شرار عن نمط واضح في التعتيم الإعلامي، قائلة: "بمراقبة الخطاب الإعلامي الإسرائيلي وبمراقبة ما يُنشر مثلاً عن موضوع سقوط الصواريخ، في الغالب لا يتم الحديث عن أي هدف فعلياً حيوي. مثلاً استهداف معهد وايزمان لعدة أيام كان النشر محظوراً عنه."