حلول للتخفيف من الأزمة
خبير اقتصادي لراية: أزمة تكدّس الشيكل خطر متصاعد والحل سياسي أولاً
حذر البروفيسور طارق الحاج، الخبير الاقتصادي، من تفاقم أزمة تكدس عملة الشيكل في البنوك الفلسطينية، والتي وصفها بأنها "واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية الصامتة" التي تعصف بالسوق المحلي منذ أكثر من عقد، وسط غياب واضح للحلول السياسية والاقتصادية.
وأكد الحاج في حديث خاص لــ"رايـــة" أن ثلث مستخدمي عملة الشيكل هم فلسطينيون، وأن حجم التداول السنوي في السوق الفلسطيني يقدّر بـ60 مليار شيكل.
وأوضح أن "البنوك لا تحتفظ بالأموال، بل تحركها وتستثمرها، لكن الفائض من الشيكل لم يعد يجد طريقه إلى الاستثمار، بسبب توقف المشاريع، وتردد المواطنين والمستثمرين في الاقتراض بسبب تدهور المؤشرات الاقتصادية".
وأضاف: "المشكلة بدأت منذ 2007 وتفاقمت، ولم تُعالَج. نحن الآن أمام واقع مالي خطير: البنوك الفلسطينية مكدسة بالشيكل، بينما بنك إسرائيل يرفض استقبال الفائض منه منذ 2018، ما جعل هذه السيولة عبئًا مكلفًا على الجهاز المصرفي، دون إمكانية توظيفها".
أزمة لا تُحل اقتصاديًا.. بل سياسيًا
وأكد الحاج أن حل الأزمة ليس بيد البنوك ولا سلطة النقد الفلسطينية، بل هو "حل سياسي بامتياز".
"إن لم توافق إسرائيل على سحب الفائض، لا يوجد أي عبقري اقتصادي قادر على حل المشكلة. وبما أن إسرائيل ترفض، فالنتيجة واضحة: الشيكل سيتحول إلى أوراق لا قيمة لها في خزائن البنوك".
في معرض حديثه، طرح الحاج مجموعة من الحلول للتخفيف من حدة الأزمة، أبرزها:
- تشجيع المواطنين على التحول نحو التعامل الإلكتروني والمصرفي الذكي.
- تعزيز الوعي المالي والثقافي تجاه أدوات الدفع غير النقدي.
- إعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية.
- تقاسم الأعباء بين الحكومة والبنوك والمواطنين.
وأشار إلى أن التحول المفاجئ إلى الدفع الإلكتروني مؤخرًا كان غير مدروس: "نحن لم نهيّئ المواطن نفسيًا وفكريًا. لا يمكن أن نقفز على عقلية المواطن بين ليلة وضحاها. هناك غياب للجهات الرسمية في توعية المجتمع، وبالتالي لن ينجح التحول الرقمي ما لم يكن مدعومًا بالتدرج والتثقيف".
وردًا على سؤال حول إمكانية التداول بعملات أخرى غير الشيكل، قال الحاج: "من يفكر بذلك، كمن يلقي بنفسه في النار. العملة ليست مجرد ورقة، بل نظام متكامل من السيولة، والنقود المعدنية، وآليات الدفع، وهذا كله غير متوفر لأي عملة أخرى بسهولة".
وحذر الحاج من أن أزمة تكدس الشيكل هي جزء من "مخطط أوسع لضرب الاقتصاد الفلسطيني"، وتشمل أيضًا تعطيل الاستيراد، احتكار السلع الأساسية، وانكماش القوة الشرائية: "عندما نصل لمرحلة نتقاتل فيها على كيس طحين، فهذا يعني أن الخلل عميق وممتد، وهناك غياب تام للمؤسسات ذات الصلة، وعلينا أن نقرع جرس الإنذار".