خاص | مخطط إسرائيلي لتهجير وتفتيت ديموغرافي في غزة تحت ستار "المدينة الإنسانية"
وسط تحذيرات متصاعدة من تصاعد المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، وما يرافقها من تغييرات جغرافية وديموغرافية قسرية، تتكشف خيوط جديدة لما يُعرف بمشروع "المدينة الإنسانية"، والذي أثار مؤخرًا جدلًا واسعًا بعد تصريحات لقادة عسكريين إسرائيليين.
رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، الدكتور صلاح عبد العاطي، تحدث في تصريح خاص لـ"رايــة" عن خلفيات المشروع وأهدافه الحقيقية، مؤكدًا أن ما يُسمى بالمخطط الإنساني ما هو إلا واجهة لخطة تهجير واسعة.
قال الدكتور عبد العاطي إن "مشروع المدينة الإنسانية الذي تحدث عنه قادة في جيش الاحتلال، ليس جديدًا، بل حذّرنا منه منذ قرابة عام، مع بدء تنفيذ ما يسمى بخطة الجنرالات، التي فشلت في شمال القطاع".
وأضاف: "الاحتلال لم يتراجع عن هذه المخططات، بل عدّلها، ودمج فيها ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية، لتُستخدم المساعدات كأداة لإعادة تشكيل الخريطة الجغرافية والديموغرافية للقطاع، عبر تهجير السكان من شمال غزة إلى غرب المدينة، ثم إلى جنوب حاجز نتسريم، حيث نقاط توزيع الطعام".
وأوضح عبد العاطي أن "الهدف هو خلق بيئة طاردة للسكّان، عبر تدمير البنية التحتية وتجويع الناس، لدفعهم نحو منطقة بين محوري ميراج وفيلادلفيا، والتي تم تسويتها بالكامل بالأرض".
وأكد أن "ما يُراد إقامته في تلك المنطقة هو بمثابة معسكر اعتقال كبير، يتم من خلاله التحكم بحركة السكّان، وتُستخدم فيه المساعدات كأداة إذلال، حيث يتم فرز الناس وتفتيشهم، وقد يُعتقل البعض أو يُقتل".
وتابع عبد العاطي: "هناك سيناريوهان لهذه المعسكرات: إما التهجير الجماعي خارج القطاع عبر محور فيلادلفيا، أو تحويلها إلى مناطق تُدار من قبل جماعات موالية للاحتلال مثل ما يُعرف بجماعة أبو شباب، التي تُسخّر المساعدات لفرض السيطرة".
وأضاف أن "بعض الشركات الأميركية الخاصة شاركت في رسم هذا المخطط، إلى جانب ما يُعرف بمؤسسة غزة الإنسانية، التي لم تعد مؤسسة سويسرية كما يُروّج، بل أصبحت كيانًا يشارك فعليًا في جريمة الإبادة الجماعية، وهو ما دفع بعض الجهات إلى التراجع عن التعاون معها".
وأوضح عبد العاطي أن "إسرائيل ماضية في تنفيذ هذا المخطط، حتى خلال فترات التهدئة، وهي تسعى إلى اتفاق جزئي يشمل فقط الإفراج عن بعض أسراها لدى المقاومة، ومن ثم تعاود شن الحرب، مستندة إلى بقاء مؤسسة غزة الإنسانية كبديل عن مؤسسات الأمم المتحدة".
وأكد أن "إسرائيل تصر على أن تكون هذه المؤسسة هي الجهة الوحيدة لتوزيع المساعدات، رافضة المقترحات بعودة الإشراف الأممي عبر وكالات الأمم المتحدة".
وفيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي، قال عبد العاطي: "الانسحابات التي تُعلن عنها إسرائيل هي انسحابات تكتيكية فقط، تهدف للحفاظ على وجود دائم في محور ميراج الجديد ومحور فيلادلفيا، وتنفيذ ما يعرف بخطة عربات جدعون".
وشدد على أن "كل هذه الإجراءات تهدف للضغط على المفاوض الفلسطيني، وفي الوقت نفسه مواصلة الهدف الرئيسي: تهجير سكان غزة، وجعل القطاع غير صالح للحياة، وتحويله إلى فقاعات إنسانية أو معسكرات اعتقال".
وختم عبد العاطي حديثه بالقول: "من خلال هذه الفقاعات، يتم تسهيل تهجير الفلسطينيين إلى الخارج، أو إبقائهم رهائن لجماعات أمنية تابعة للاحتلال، مما يتطلب موقفًا حاسمًا عربيًا ودوليًا لإفشال هذا المخطط".