خاص| مساعدات لا تسدّ الرمق: كم تغطي مما يحتاجه قطاع غزة؟
رغم دخول عشرات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى قطاع غزة، وتضارب الأنباء بشأن كمياتها وآليات توزيعها، تبقى صورة الواقع واحدة: أطفال جوعى، ومرضى بلا دواء، وعائلات تتضور قهرًا قبل الجوع. في الوقت الذي تتغنّى فيه بعض الأطراف الدولية بأرقام الشحنات، يطرح السؤال نفسه: من يقرر ما يدخل إلى غزة؟ وهل تُبنى آليات التوزيع على حاجة الناس، أم تُرسم بخطّ الاحتلال؟
قال مدير عام جمعية العودة الصحية والمجتمعية رأفت المجدلاوي، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن دخول عشرات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى قطاع غزة لا يعكس حقيقة الوضع الإنساني، مؤكدًا أن الأخبار المتداولة عن كميات كبيرة من المساعدات "ليست دقيقة، وهي مجرد ذر للرماد في العيون".
وأضاف أن الأهم من الحديث عن الشاحنات، هو آلية إدخال وتوزيع المساعدات، مشددًا على أن الاحتلال لا يزال المتحكم الأساسي في هذه الآلية، التي وصفها بـ"الفاشلة والعقيمة"، لأنها تساهم – وفق قوله – في "تقتيل وتجويع وتعطيش الفلسطينيين، بدل أن تسهم في حل الأزمات".
وأكد المجدلاوي أن "ضمان وصول المساعدات الطبية والإنسانية والغذائية هو حق أصيل لأي مجتمع يرزح تحت الاحتلال أو العدوان، وهو مسؤولية قانونية وإنسانية تقع على الطرف المحتل وفق كل المواثيق الدولية".
وشدّد على أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر ليس أمرًا طارئًا، بل هو سياسة منهجية تعتمد على استخدام "التجويع، التعطيش، والحرمان من الدواء والخدمات الصحية كسلاح حرب"، مشيرًا إلى أن "هذه الوسائل باتت جزءًا من أدوات القتال ضد سكان غزة".
وأوضح أن الاعتداءات المتكررة على الشاحنات والمساعدات من قبل المواطنين الجائعين لا يمكن قراءتها إلا كنتيجة طبيعية ومباشرة للجوع والعطش، مضيفًا: "الناس في غزة لا يعتدون على المساعدات إلا لأنهم لا يملكون شيئًا يسد رمقهم أو يطعم أطفالهم".
وتابع: "المشكلة الأساسية ليست في توزيع المساعدات، بل في غياب الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية في طريقة إيصالها، فالقضية تتعلق بالحق في الغذاء والماء والدواء، والاحتلال هو الطرف المسؤول عن توفير هذه الحقوق للمدنيين في ظل العدوان الذي يشنه".
وأشار المجدلاوي إلى أن الاحتلال يروّج لأرقام عبر الإعلام حول حجم المساعدات، لكنه قال: "ما يراه الناس على الأرض هو الجوع والعطش، وعدد الوفيات المتزايد بسبب المجاعة"، متهمًا الإدارة الأمريكية بالتواطؤ في التغطية على جرائم الاحتلال، و"نفي الجوع بادعاءات لا صلة لها بالواقع".
وأكد: "حتى الصحافة الأجنبية إذا دخلت القطاع، سترى الواقع بأمّ عينها. الصور والمشاهد في غزة لا تكذب، والمجاعة ليست ادعاءً بل واقع يعيشه الناس يوميًا".
ودعا المجدلاوي إلى إرسال لجان تقصي حقائق من المقررين الدوليين الخاصين بالأمن الغذائي وحقوق الإنسان والمياه، وكذلك منظمات الأمم المتحدة، وفتح المجال أمام الإعلام الدولي ليروي الصورة الحقيقة.
وختم حديثه بالتأكيد أن "غزة تتعرض لحرب تجويع وتعطيش ممنهجة منذ 7 أكتوبر، لكن تجليات هذه الحرب اليوم أصبحت واضحة في وجوه الجائعين، وفي موت 131 فلسطينيًا حتى مساء أمس بسبب الجوع، والعدد مرشح للزيادة".