راية ترصد معاناة السائقين على معبر الكرامة: حرارة لاهبة، وانتظار لساعات دون مظلة أو ماء
في حلقة استثنائية من برنامج مع الناس عبر إذاعة وتلفزيون "رايـــة"، جرى تسليط الضوء على واحدة من القضايا المُهملة رغم حساسيتها الإنسانية والمهنية: معاناة سائقي مركبات النقل العمومي على معبر الكرامة، وتحديدًا في استراحة أريحا ومنطقة الفي آي بي.
في ظل حرارة خانقة تجاوزت 43 درجة مئوية، تحدّث عدد من السائقين عن واقعهم القاسي، مطالبين بتطبيق اتفاقيات معلّقة، وإنصافهم في مواجهة الإهمال، و"التمييز" في التعامل بينهم وبين شركات النقل الخاصة.
وأطلق سائقو مركبات النقل العمومي العاملون على معبر الكرامة نداء استغاثة للمطالبة بتحسين أوضاعهم اليومية، خاصة في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب منطقة أريحا، حيث تصل درجات الحرارة إلى 43 درجة مئوية.
وفي حديث خاص لــ"رايــة"، قال حسن بلهان، رئيس لجنة خط أريحا: "نحن نعيش ظروفًا صعبة جدًا، أبرزها الحواجز التي تغلق أريحا بين فترة وأخرى، ما يضطرنا للمرور من طرق ترابية منهكة. كما أن سياراتنا تقف لساعات في الشمس دون أي مظلة تحميها، في درجة حرارة مرتفعة جدًا، ما يحوّلها إلى 'صفيح حراري'. أحيانًا، يشغل السائق المكيّف لساعتين دون جدوى".
وأضاف بلهان: "طالبنا مرارًا بتركيب مظلات فوق السيارات، ولا يزال مكان الانتظار لا يتسع لأكثر من غرفة 4×4 مترًا، مخصصة لحوالي 500 سائق!".
وتطرّق بلهان إلى اتفاقية تم توقيعها مؤخرًا بين جهات متعددة تشمل محافظة أريحا ووزارة المواصلات وإدارة المرور، وتنص على تنظيم آلية العمل وإزالة التجاوزات: "الاتفاقية تم توقيعها منذ أسبوع، لكنها لم تُنفذ. إذا لم تُطبق بشكل كامل، فسنذهب إلى الإضراب بدءًا من الأحد القادم".
وفي هذا السياق، أكد الإعلامي مجدي القاسم خلال البرنامج أن إذاعة راية ستنقل مطالب السائقين إلى الجهات المختصة، وستتابع عن قرب تنفيذ الاتفاقية.
من جانبه، أوضح السائق أحمد عبيات من بيت لحم، الذي يعمل على الخط منذ عام 1994، أن الأمور تزداد سوءًا: "الشرطة تدخلت مشكورة مؤخرًا لمنع دخول سيارات عشوائية تستغل الركاب خارج الاستراحة، ولكن لا يزال الوضع العام صعبًا. نخرج من محافظاتنا في ساعات الفجر، ونقضي أحيانًا 4 ساعات في الانتظار خارج الاستراحة، والمكيف شغال طول الوقت، ما يزيد التكاليف".
وأضاف: "نُجبر على دفع 25 شيكلًا على كل نقلة، وإن حملت مرتين في اليوم، تُدفع 50 شيكلًا. هذه رسوم غير مفهومة في ظل عدم توفر خدمات، ولا حتى موقف مظلل! الغرفة التي يفترض أنها مخصصة لنا لا تتسع حتى لعشرة أشخاص".
وفي حديث خاص لـ"رايــة"، قال السائق علي جميل من نابلس: "نحن واجهة الوطن. أول من يراه المسافر هو السائق، ولكننا نُعامل معاملة غير إنسانية. لا حمامات، ولا استراحة، ولا حتى مقاعد تحمينا من الشمس. الاتفاق الذي وُقع قبل سنتين بخصوص رسوم 15 شيكلًا تم تجاهله، وسُحبت منا حتى المرافق البسيطة التي وُعدنا بها".
كما نوّه بدور أمين سر حركة فتح في أريحا، نائل أبو العسل، قائلاً: "وقف معنا كأخ وشقيق وسائق، ووقّع معنا اتفاقية عادلة، لكنها لم تُنفذ بسبب تقاعس الجهات الأخرى".
ومن منطقة الفي آي بي، أوضح ماهر ناصر الدين من سائقي الخليل، الذي يعمل على هذا الخط منذ أكثر من 20 عامًا، أن السائقين في هذه المنطقة يتعرضون لإهمال بالغ: "نُجبر على الوقوف في التراب تحت الشمس، بينما سيارات الشركات الخاصة ‘البيضاء’ تخرج وتعود خلال دقائق وكأنها مخصصة لكبار الشخصيات. كل ما نطلبه مظلة ومكانًا نجلس فيه باحترام. نحن بشر، ولسنا آلات".
وأشار ناصر الدين إلى أن "عدد السيارات في هذه المساحة يتراوح بين 50 إلى 60 سيارة من مختلف المحافظات، لكن لا توجد بنية تحتية محترمة تحمينا نحن ولا الركاب. الأمور تسير من سيء إلى أسوأ".
وتابع: "إذا لم تُنفذ الاتفاقية التي وقّعنا عليها مع المحافظ، فإن الإضراب قادم، لأن ما نطلبه فقط كرامة واحترام".
وفي ختام الحلقة، شدّد الإعلامي مجدي القاسم أن راية ستستكمل متابعتها في الحلقات القادمة مع الجهات الرسمية وصنّاع القرار، لنقل الشكاوى والتحديات التي يعاني منها السائقون، ومتابعة تنفيذ الاتفاقية الموقعة، حتى يُتاح لهم العمل في ظروف إنسانية تليق بدورهم في خدمة المسافرين الفلسطينيين.