200 ألف مواطن مهددون
خاص| أزمة مياه خانقة في النصيرات بسبب نفاد الوقود واستمرار العدوان

راية - أماني شحادة
تعيش بلدة النصيرات في المحافظة الوسطى من قطاع غزة أزمة مياه غير مسبوقة، بفعل الانقطاع الكامل لإمدادات الوقود منذ الثاني من مارس/آذار 2025، نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل وإغلاق المعابر، ما تسبب بشلل شبه كامل في خدمات المياه والصرف الصحي وإدارة النفايات، وفق ما أكد المهندس محمد الصالحي، مدير مكتب رئيس بلدية النصيرات.
وقال الصالحي، في تصريح خاص لشبكة "راية" الإعلامية، إن الأوضاع الميدانية تفاقمت بشكل خطير في ظل غياب أي حلول جذرية أو استجابة عاجلة من المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن ما تبقى من كميات وقود مخزنة خلال الهدنة السابقة قد نفد بالكامل.
وأضاف: "كنا نضخ المياه ثلاث مرات أسبوعيًا لكل منطقة، بواقع 8 ساعات في كل مرة، أما الآن فنضخ يومًا واحدًا مقابل عشرة أيام من الانقطاع. العجز هائل ولا يمكننا تلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، خاصة في ظل موجات الحر القاسية".
وأوضح الصالحي أن أحد أكبر مسببات الأزمة هو قصف خط "مكوروت" الإسرائيلي المغذي للنصيرات بتاريخ 23 يناير، والذي لم يتم إصلاحه رغم التنسيق المستمر مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ما أدى إلى انقطاع مصدر رئيسي للمياه عن آلاف العائلات.
وأشار إلى أن المناطق الشمالية والغربية من النصيرات تُعد "مناطق منكوبة بالكامل" نتيجة التدمير المتكرر لشبكات المياه والصرف الصحي خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية.
تفاصيل الكارثة بالأرقام
26 بئر مياه خرجت عن الخدمة بالكامل.
خزانان رئيسيان بسعة إجمالية 4000 كوب توقفت عن التشغيل.
مضختان رئيسيتان للصرف الصحي توقفتا.
11 آلية ثقيلة و6 مركبات بلدية تعطلت كليًا.
7 محطات تحلية مياه أُغلقت بسبب نفاد الوقود.
كما أشار الصالحي إلى أن البلدية تواجه ضغوطًا إضافية بعد تضاعف عدد السكان إلى نحو 200 ألف نسمة، بينهم 100 ألف نازح لجأوا إلى النصيرات هربًا من القصف الإسرائيلي، مما فاقم أزمة المياه والضغط على البنية التحتية.
رغم الكارثة، تواصل البلدية العمل ضمن الإمكانيات المحدودة لتفادي انهيار الخدمات كليًا. وقال الصالحي إن البلدية تطبق خطة طوارئ تشمل جدولة ضخ جزئي، وتوجيه الفرق الفنية للاستجابة للشكاوى الطارئة، خاصة في مراكز الإيواء والمناطق المكتظة.
وأشار إلى تعاون محدود مع مصلحة مياه بلديات الساحل وبعض المبادرات الفردية لتوزيع كميات بسيطة من المياه الصالحة للشرب، لكنها لا تكفي لتغطية الحاجة اليومية للسكان.
ولضمان الحد الأدنى من السلامة، تواصل فرق الرقابة الصحية أخذ عينات مياه وفحصها بالتعاون مع الجهات المختصة، للحيلولة دون وصول مياه ملوثة إلى المواطنين.
في ظل هذا الوضع الإنساني الكارثي، دعا الصالحي إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية للضغط على الاحتلال من أجل إدخال الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات التحلية والصرف الصحي.
كما طالب بدعم التدخلات الصحية والبيئية، محذرًا من تفشي الأوبئة نتيجة تعطل شبكات الصرف وتراكم النفايات وانتشار مياه المجاري في الشوارع ومراكز الإيواء.
وختم الصالحي بالقول: "بلدية النصيرات تواجه إحدى أخطر الكوارث الخدمية في تاريخها، ولا يمكن احتواؤها دون ضغط دولي حقيقي على الاحتلال، وتمكين البلديات من استعادة خدماتها الأساسية قبل فوات الأوان".