مدير الإغاثة الطبية لراية: المجاعة واقع يومي في غزة وتصريحات المبعوث الأمريكي محاولة للتضليل

في ظلّ تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ومع تصاعد التحذيرات من دخول المجاعة مرحلة متقدمة تطال أكثر من نصف السكان، أثارت تصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، التي نفى فيها وجود أزمة تجويع في القطاع، غضبًا واسعًا.

واعتبر الدكتور بسام زقوت، مدير الإغاثات الطبية في غزة، أن تصريحات ويتكوف تهدف للتضليل لا أكثر، مؤكدًا أن الوضع على الأرض مأساوي، وأن غزة تعاني من مجاعة حقيقية تشمل كل تفاصيل الحياة.

قال الدكتور بسام زقوت، مدير الإغاثات الطبية في غزة، في حديث خاص لـ"رايــة": "ستيفن ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي، وكأنه دخل قطاع غزة والناس عزموه على مشاوي. شعرت وكأنه جاء ليرى ما أراد رؤيته فقط، أو هكذا أراد أن يبدو المشهد. في الحقيقة، هو لم يدخل قطاع غزة إطلاقًا، بل زار منطقة رفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي بالكامل، حيث جرى ترتيب لقاءات له مع بعض الأشخاص المحضّرين مسبقًا".

وأضاف زقوت: "لم يحدث أي تفاعل حقيقي مع الواقع، ولم يرَ أي شيء من حجم المعاناة. لم يدخل غزة، ولم يزر أي مستشفى، حتى المستشفى الأمريكي الميداني لم يقترب منه. فضّل البقاء تحت حماية الجيش الإسرائيلي دون أن يلمس الحقيقة".

وأكد: "أمريكا ليست بحاجة إلى مبعوث لتعرف ما يجري في غزة، فهي الداعم الأول للحرب الإسرائيلية، والسلاح الذي تقتل به إسرائيل يُشحن من الولايات المتحدة. وبالتالي، من المستحيل أن يكون ويتكوف جاهلًا بما يحدث هنا. ما قاله ليس إلا محاولة تضليل للرأي العام، لا أكثر".

وتابع: "إذا أرادوا معرفة الحقيقة، فليُرسلوا اثنين أو ثلاثة من المواطنين الأمريكيين ليعيشوا أسبوعين بين الناس هنا، ليختبروا إن كان بإمكانهم الحصول على مياه أو طعام أو مأوى، أو ليروا القصف الذي نعيشه كل يوم. بعدها يمكنهم التحدث. وإن شعر ويتكوف بالأمان، فليضغط لدخول الصحفيين الأمريكيين إلى غزة لينقلوا الصورة كما هي".

وقال: "هم دائمًا يكذبون روايات الصحفيين العرب والمؤسسات الفلسطينية. أحيانًا أخرج على الإعلام وأنا لم أتناول شيئًا طوال اليوم ولا يوجد ماء في بيتي، ويأتي من يشكك بوجود مجاعة. فليأتوا ويعيشوا التجربة بأنفسهم".

وشدد زقوت على أن غزة تتعرض لمجاعة حقيقية، قائلًا: "الناس لا تحتاج فقط إلى كيس طحين، بل إلى لحوم، وبيض، ومنتجات حيوانية، وفواكه، وتنويع غذائي. اليوم إذا دخلت 30 شاحنة طحين، فهي لا تصل لمستحقيها ولا توجد آلية توزيع واضحة. المواطن الذي يحصل على شيء يخبئه لأنه يعلم أنه لن يحصل عليه مجددًا بسهولة".

وتابع: "نحن لا نختلق الأرقام، بل الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسف هي من تحدثت عن أكثر من 500 ألف شخص يعانون من المجاعة. ووفقًا للقانون الدولي، إذا تجاوزت نسبة السكان المتعرضين للمجاعة الـ20% تُعلن حالة المجاعة رسميًا. اليوم، نحن تجاوزنا هذه النسبة، وغزة دخلت مرحلة المجاعة بالفعل".

وأضاف: "غزة قد تكون من أوائل المناطق في العصر الحديث التي يصل فيها الجوع إلى 100% من السكان. الجوع أصبح طريقًا للموت، والآليات المعمول بها حاليًا لا تُنقذ الأرواح، بل تكرّس المجاعة وتؤدي إلى الوفاة، وهذا أثار غضبًا عالميًا واسعًا".

وأشار زقوت إلى أن زيارة ويتكوف تأتي في سياق التغطية على هذا الغضب، وقال: "هو فقط يريد أن يقول للعالم إن أمريكا تحاول، وإن غزة ليست بهذا السوء. تحدث الرئيس ترامب عن 60 مليون دولار دعمًا لغزة، لكننا لم نر شيئًا منها، ولم نسمع عنها".

وختم قائلًا: "حين أرسلت أمريكا مليارات الدولارات من الأسلحة لإسرائيل، هل شكرتهم إسرائيل؟! الآن يطلبون منا شكرًا على 60 مليون لم تصل أصلًا؟! هذه السياسة ليست سوى مشاركة أمريكية واضحة في العدوان، وفرض للرؤية بالقوة، بل وحتى فرض للحقائق حسب المصالح".