باحث سياسي يكشف لراية أهداف زيارة ويتكوف للمنطقة!
في الوقت الذي تزداد فيه الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتتكشف صور الجوع والمعاناة يوماً بعد يوم، يخرج المبعوث الأمريكي بتصريحات تروّج لفكرة أن حركة حماس مستعدة لنزع سلاحها، وتدفع باتجاه تصوير إسرائيل على أنها راغبة بوقف الحرب، في محاولة لصياغة رواية معكوسة للواقع.
وفي حديث خاص لــ"رايــة"، قال الأكاديمي والمحلل السياسي من غزة، الدكتور عماد عمر، إن هذه التصريحات تهدف لتبييض صفحة إسرائيل، وتوجيه أصابع الاتهام نحو الفلسطينيين في الوقت الذي يتعرضون فيه لمجاعة موثّقة وشاملة.
قال الدكتور عماد عمر إن المبعوث الأمريكي جاء إلى المنطقة لهدفين أساسيين: الأول، هو إظهار صورة الولايات المتحدة وإسرائيل كراعيتين لإدخال المساعدات الإنسانية، وتحسين صورتهما أمام العالم.
أما الهدف الثاني، فهو إيصال رسالة بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يوافق على وقف شامل لإطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين، وأن حركة حماس قد وافقت على ذلك، في محاولة لطمأنة الرأي العام الإسرائيلي من جهة، والتخفيف من الضغط الشعبي على نتنياهو من جهة أخرى.
وأضاف عمر أن وتكوف أراد من خلال تصريحاته أن يُظهر للعالم أن حماس هي الطرف الرافض، وهي من تضع العراقيل أمام إنهاء الحرب، وبالتالي يسعى لتلميع صورة نتنياهو أمام المجتمع الدولي، في ظل الأزمة المتفاقمة التي تعيشها إسرائيل بعد انكشاف حجم الجريمة والمجاعة في قطاع غزة، واستمرار استخدام الاحتلال للمساعدات كسلاح ضغط جماعي ضد المدنيين.
وأشار إلى ما يُعرف بـ"مراكز الموت" التي أنشأتها إسرائيل جنوب القطاع، وارتفاع عدد الشهداء الذين يسقطون يومياً على أبواب تلك المراكز. وقال: "الصور القادمة من غزة لأطفال وكبار سن يتساقطون في الشوارع نتيجة الجوع، كشفت للعالم الكارثة الحقيقية".
وأوضح أن هذه الصور دفعت إلى حالة تعاطف متصاعدة دولياً، خاصةً في أوروبا، ووسّعت رقعة الاعتراف بدولة فلسطين من قبل دول وازنة مثل كندا، أستراليا، فرنسا، وبريطانيا، مما زاد من الضغط على حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.
وأشار إلى أن عدداً من السياسيين الإسرائيليين، من بينهم يائير لبيد، أفيغدور ليبرمان، وبيني غانتس، وجهوا انتقادات شديدة للحكومة، وحمّلوها مسؤولية الضرر السياسي المتزايد الذي تتعرض له إسرائيل.
وفي تعليقه على الحديث الإسرائيلي عن "قرارات استراتيجية" خلال ما وصفه الإعلام العبري بـ"الأسبوع المصيري في تل أبيب"، قال الدكتور عماد عمر إن هناك صراعاً واضحاً داخل إسرائيل بين المستويين السياسي والعسكري بشأن مستقبل العملية العسكرية في غزة، ومدى جدوى السيطرة الكاملة على القطاع.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي وضع أمام القيادة السياسية مجموعة من التحذيرات، من بينها الخشية على حياة الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة، في حال تم التوغل في عمق غزة، خاصة في منطقتي مدينة غزة والمنطقة الوسطى، اللتين لم يتم الدخول إليهما حتى الآن.
وتابع: "الجيش حذّر من أن أي عملية توغل في عمق غزة قد تعرّض الجنود لكمائن، ما قد يؤدي إلى سقوط عدد كبير منهم قتلى، وهو ما يضع المستوى السياسي أمام خيار الاعتراف بمخاطر محتملة كبيرة".
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة في إسرائيل أظهرت أن نحو 62% من الإسرائيليين يؤيدون الذهاب إلى صفقة شاملة تنهي الحرب وتستعيد الأسرى، مضيفاً أن هذا الدعم انعكس على ارتفاع شعبية نتنياهو، ما وفّر له غطاءً سياسياً محتملاً للقبول باتفاق يفضي إلى إنهاء الحرب.
وختم الدكتور عماد عمر بالقول: "قد نكون أقرب إلى سيناريو شبيه بما جرى في لبنان، حيث يتم انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة في إطار اتفاق شامل، يقابله إطلاق سراح الأسرى، في حين ستستمر إسرائيل في سياسة الاغتيالات والاستهداف لرجال المقاومة متى سنحت لها الفرصة".