الاستثمار الإسلامي يعزز الطلب على الذهب ويمنحه زخماً متصاعداً

في بلدة صغيرة تبعد ساعة واحدة بالسيارة عن العاصمة الماليزية، برزت خزنة جديدة عالية التأمين لتجسد تنامي الإقبال على منتجات وخدمات الذهب المصممة بما يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.

تشرف وحدة تابعة لشركة "لوميس إيه بي" (Loomis AB) السويدية، المتخصصة في تداول النقد والسيائك، وبالتعاون مع شركة استثمار محلية "إي 2 إس" (E2S Group)، على هذه المنشأة، والتي يمكنها تخزين ما يعادل حوالي 20 طنًا من الذهب. وتُعَدّ هذه الخطوة مناسبة للاستفادة من نمو قطاع البنوك الإسلامية بالبلاد.

قال جيريمي بي، رئيس "لوميس إنترناشونال" (Loomis International) في سنغافورة، خلال مقابلة أجراها قبل افتتاح الموقع الأسبوع الماضي أمام جمع من المتداولين ومسؤولي شركات الصرفي والمصرفيين: "هناك رغبة بين تجار السبائك المحليين في الحصول على منشآت تخزين مناسبة". وأضاف أن العديد من البنوك الإسلامية أطلقت مؤخرًا منتجات استثمارية في قسم الذهب الحلال، وسط تزايد الطلب عليها.

الذهب في التمويل الإسلامي

حقق الذهب أداءً استثنائيًا بين السلع الأساسية خلال العام الماضي، مدعومًا بالطلب المتزايد من البنوك المركزية والمستثمرين. وقد سجلت الأسعار مستوى قياسيًا في أبريل، فيما تشير التوقعات، مع احتمال خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة، إلى فرص قوية لمزيد من المكاسب.

ومن أبرز هذه التوقعات، ما أشارت إليه مجموعة "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs Group) بإمكانية ارتفاع سعر الأونصة إلى 4,000 دولار.

ويُحسب "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered Plc)، بلغ حجم سوق التمويل الإسلامي العالمية نحو 5.5 تريليون دولار في العام الماضي، مع توقعات بارتفاعها إلى 7.5 تريليون دولار بحلول 2028. ويُعد الذهب خيارًا ملائمًا لهذا القطاع؛ إذ يُنظر إليه كأصل استثماري، لأنه لا يُدر فوائد، وهو ما يتوافق مع ضوابط الشريعة الإسلامية.

لكن هناك اعتبارات أخرى، إذ يجب ربط الاستثمارات بمعدن فعلي بكميات محددة، وأن يتم نقل الملكية مباشرة خلال المعاملات. وهذا يتعارض مع بعض الممارسات في بعض الأسواق العالمية، حيث لا تكون الأوراق مرتبطة دائمًا بأصول مادية واضحة.

في هذا السياق، قال لويس هيبس، المدير التجاري في بورصة دبي للذهب والسلع (Dubai Gold and Commodity Exchange)، التي تقدم عقود ذهب متوافقة مع الشريعة: "الذهب يلبي بالفعل الكثير من المتطلبات لمستثمر الذي يلتزم بالمبادئ الإسلامية، فهو لا يُدر فوائد، ويُعتبر أصلًا ملموسًا".

الذهب الحلال خيار مفضل في ماليزيا

يشهد الاستثمار في الذهب المتوافق مع الشريعة الإسلامية زخمًا متناميًا في ماليزيا وعدد من الدول الأخرى. فقد حقق صندوق مؤشرات متداولة مدعوم بالذهب في ماليزيا مستويات قياسية هذا العام، بينما تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا أحجام التداول على عقود الذهب الفوري الإسلامية في بورصة دي بي في خلال النصف الأول من العام.

قالت نورعيني بنت مختار، النائب الأول لرئيس قطاع الأفراد والفروع القنوات في "بنك راكيات" (Bank Rakyat)، الذي أطلق في أبريل منتجًا يتيح للعملاء الاستثمار عبر الإنترنت في الذهب ضمن ضوابط الشريعة: إن "الطلب على منتجات الاستثمار في الذهب مرتفع للغاية".

وأضافت أن العملاء "يحولون مدخراتهم من جولة النقدية إلى الذهب".

مع ذلك، يبقى نقص الوعي عائقاً أمام انتشار هذه الاستثمارات، وفقاً لأندرو نايبلور، رئيس منطقة الشرق الأوسط والسياسات العامة في مجلس الذهب العالمي (World Gold Council)، الذي شارك في وضع الإرشادات الخاصة بالذهب المتوافق مع الشريعة.

فقد قال نايبلور إن "هناك الكثير من الافتراضات بأن الذهب لا يُعتبر متوافقاً مع الشريعة الإسلامية ما لم يتمكن المستثمر من أخذه إلى المنزل.. لا بد من بذل جهد أكبر لرفع مستوى الوعي".