قضايا في المواطنة
قراءة في المشهد الفلسطيني الراهن… اقتصاد مأزوم وحرب وانقسام سياسي يعمّق التحديات

خاص - راية
سلّط برنامج "قضايا في المواطنة"، الذي تبثه شبكة "راية" الإعلامية، الضوء على المشهد الفلسطيني الراهن سياسيًا واقتصاديًا، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتواصل الضغوط على السلطة الفلسطينية.
واستضافت الحلقة المحلل السياسي محمد علوش، والخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة، حيث قدّما قراءتين معمّقتين حول طبيعة الأزمات التي يمر بها الفلسطينيون وآفاق مواجهتها.
دراغمة: الوضع الاقتصادي في "الموت السريري"
وصف الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة الواقع الاقتصادي الفلسطيني بأنه أقرب إلى الموت السريري، موضحًا أن الاحتلال يستخدم سلاح المال إلى جانب القوة العسكرية في تقويض صمود الفلسطينيين.
وقال: "أموال المقاصة التي تحتجزها إسرائيل تحوّلت إلى رصاص يوجّه إلى صدور الشعب الفلسطيني، بعدما باتت وسيلة ابتزاز سياسي واقتصادي".
وأوضح دراغمة أن السلطة الفلسطينية تعاني منذ سنوات من اعتماد شبه كامل على المساعدات الخارجية والمقاصة، لكن الوضع ازداد سوءًا مؤخرًا مع تراجع الدعم الأوروبي وتوقف المساعدات العربية، مشيرًا إلى أن بعض الدول كانت تقدم دعمًا محدودًا، لكنه انقطع في الآونة الأخيرة.
وأشار إلى أن الإيرادات الداخلية تقلّصت بشكل حاد، نتيجة عجز المواطنين عن الإيفاء بالتزاماتهم الضريبية بسبب الركود الاقتصادي وارتفاع نسب البطالة والفقر.
وأضاف: "الحكومة نفسها أقرت بعجزها، فهي لا تملك حلولًا عملية، واكتفت بصرف 50% من رواتب الموظفين في الأشهر الأخيرة، ما زاد من حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني".
وانتقد دراغمة غياب استراتيجية اقتصادية واضحة، سواء على مستوى الاستثمارات الداخلية أو التنمية المستدامة، معتبرًا أن الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من إدارة الأزمة المالية بفاعلية، بل ورّثت الأزمات الواحدة تلو الأخرى.
علوش: الانقسام يضعف المشروع الوطني ويخدم الاحتلال
في الجانب السياسي، أكّد المحلل محمد علوش أن التحديات الراهنة تفوق في خطورتها كل المراحل السابقة من الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
وقال: "نحن أمام مرحلة من أخطر مراحل القضية الفلسطينية، حيث يعمل الاحتلال على شطب كامل الحقوق الوطنية، وتفكيك مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، بالتوازي مع حرب إبادة في غزة وعمليات تطهير عرقي ممنهجة في الضفة الغربية".
واعتبر علوش أن الانقسام الداخلي الفلسطيني هو أحد أبرز أسباب ضعف الموقف السياسي، مشيرًا إلى أن جولات الحوار، ومنها مفاوضات بكين الأخيرة، لم تحقق أي اختراق حقيقي، ما أبقى حالة الشلل قائمة في الساحة الفلسطينية.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي غير مشروط، يمارس ضغوطًا متواصلة على القيادة الفلسطينية لإخضاعها لمزيد من الإملاءات، في محاولة لفرض حل أحادي يقوّض المشروع الوطني.
وقال: "الإدارة الأمريكية الحالية، كما سابقاتها، لم تخرج عن إطار حماية إسرائيل، وهو ما شجع حكومة الاحتلال على المضي في جرائم الحرب والضم والاستيطان".
ازدواجية المعايير الدولية
ولفت علوش إلى أن المجتمع الدولي، رغم اعتراف بعض دوله مؤخرًا بدولة فلسطين، لا يزال يمارس ازدواجية صارخة في المعايير، إذ يكتفي بالإدانات الشكلية دون تحمّل مسؤولياته القانونية في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.وأكد أن هذا الواقع يتطلب من الفلسطينيين خطابًا سياسيًا موحدًا قادرًا علىمواجهة هذه الازدواجية وحشد الدعم الحقيقي للقضية.
نحو رؤية فلسطينية موحدة
اتفق الضيفان على أن تجاوز المرحلة الراهنة يتطلب خطوات فلسطينية عاجلة، تبدأ بإنهاء الانقسام وتحقيق مصالحة وطنية شاملة تعيد ترتيب البيت الداخلي.
وشدّد علوش على ضرورة استعادة دور منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاحات جوهرية تشمل التحضير لانتخابات المجلس الوطني وإعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية، بما يعزز القرار الوطني المستقل.
فيما أشار دراغمة إلى أن أي إصلاح سياسي لن يكتمل دون معالجة حقيقية للأزمة الاقتصادية، بما في ذلك تنويع مصادر الدخل وتحرير القرار المالي الفلسطيني من الهيمنة الإسرائيلية.
خلاصة
في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وتشديد الحصار في الضفة الغربية، تبدو السلطة الفلسطينية أمام اختبار صعب بين البقاء في دائرة الأزمات المتكررة أو التأسيس لمرحلة جديدة تقوم على الوحدة الوطنية والاعتماد على الذات.
وبرنامج "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة "REFORM" ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
فيما يلي الحلقة كاملة: