مختص لراية: خطة إسرائيل في غزة تمهد لمرحلة التهجير الشامل ونتنياهو يسعى لحرب بلا نهاية
قال المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي نهرو جمهور، إن العملية العسكرية الجديدة التي أعلن عنها جيش الاحتلال في مدينة غزة ليست مجرد خطوة ميدانية، بل تمهد لمرحلة أخطر تتعلق بتهجير الفلسطينيين وإعادة تشكيل قطاع غزة بما يخدم المخطط الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، مؤكداً أن نتنياهو يستثمر الحرب للبقاء السياسي ويخطط لحرب أبدية في القطاع.
أكد جمهور في حديث خاص لـ"رايــة" أن قوات الاحتلال أعلنت أمس عن مرحلة جديدة من العملية العسكرية في مدينة غزة، موضحًا أن هذه العملية تمثل خطوة قبل الأخيرة لتهجير الشعب الفلسطيني.
وقال: إن العملية تستهدف منطقة تلو الأخرى في مدينة غزة، ثم ستتوسع لتشمل وسط القطاع والمخيمات، لدفع السكان باتجاه رفح عبر ما تسمى "المدن الإنسانية"، تمهيدًا لتهجير من تبقى منهم إلى الحدود المصرية.
وأضاف أن هذا المخطط يسير منذ فترة طويلة وفق خطة إسرائيلية موضوعة، لكنه تعطل في بعض المراحل نتيجة المراوغات الدبلوماسية، إلا أن الدعم الأمريكي منح الاحتلال سقفًا مفتوحًا لتنفيذ مخطط التهجير.
وأشار إلى أن نتنياهو يعتبر هذه اللحظة فرصة مناسبة، وسيذهب قريبًا إلى واشنطن لإطلاع الرئيس الأمريكي على تفاصيل العملية.
وحول الأهداف غير المعلنة للعملية، قال جمهور إن الجانب العسكري في غزة لم يعد قائمًا كما يروج الإعلام الإسرائيلي، إذ لم تعد هناك مواجهات حقيقية على الأرض، مضيفًا أن الحديث عن غزة باعتبارها "عاصمة حماس" هو مجرد ذريعة.
وبيّن أن الهدف الحقيقي يتمثل في التهجير وإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق الرؤية الأمنية الإسرائيلية، إلى جانب مشاريع استيطانية جديدة في غزة، يقودها وزراء متطرفون مثل سموتريتش وستروك، لإعادة إحياء مشروع الاستيطان الذي ألغي بخطة فك الارتباط عام 2005.
كما أوضح أن الاحتلال يحاول إعادة إنتاج خطة "الأصابع الخمسة" التي طرحها شارون عام 1971 لتقسيم القطاع إلى خمسة محاور والسيطرة الكاملة عليه، وعزل السكان عن بعضهم البعض. وقال: "هذه الخطط جُربت سابقًا، لكن اليوم هناك أسباب موضوعية تجعل المخاوف أكبر، أهمها أن إسرائيل تمارس الاستباحة الكاملة بدعم أمريكي، يقابله صمت عربي مخزٍ".
وتابع أن المشهد العربي بدا بائسًا في الاجتماع الأخير بالدوحة الذي حضرته سبع دول فقط، في وقت كان نتنياهو يقصف أربع دول عربية في الليلة نفسها، وهو ما يدفع إسرائيل إلى مزيد من التمادي.
وبشأن مستقبل العملية ميدانيًا، لفت نهرو إلى أن التساؤل مطروح داخل إسرائيل نفسها: هل هي عملية محدودة داخل غزة أم حرب برية طويلة الأمد؟ وأوضح أن الخطة العسكرية الحالية، المسماة "جدعون 2"، لا تحظى بإجماع إسرائيلي، بل تعكس رغبة نتنياهو وحده، وسط انقسام داخلي كبير وتشكيك في قدرتها على إعادة الأسرى أو إخضاع حماس.
وأشار إلى أن محللين إسرائيليين بارزين، مثل ألون بن دافيد، أكدوا أن حماس لن ترفع الراية البيضاء رغم حجم الدمار، معتبرين أن العملية مجرد انتقام من الشعب الفلسطيني. وأضاف: "نتنياهو يستثمر في هذه الحرب للبقاء السياسي، ويريدها حربًا أبدية، لأن وقفها يفقده المبرر للذهاب إلى ساحات أخرى".
وقال إن الجيش الإسرائيلي يواجه مشاكل حقيقية، بينها تراجع أعداد المجندين ووجود حالة تآكل داخله، في وقت يصرّ فيه نتنياهو على استخدام المؤسسة العسكرية لخدمة مشروعه السياسي والديني المتطرف.
واختتم جمهور بالقول إن الوضع يعكس "حالة جنون داخل إسرائيل"، حيث يسيطر السياسي على كل مكونات القرار ويستغل الجيش في معركة بلا أفق، هدفها الأساس تدمير الشعب الفلسطيني وإعادة هندسة المشهد الديموغرافي في غزة والضفة.