محلل سياسي لراية: صفقة الأسرى كشفت سقوط "النصر المطلق" لنتنياهو وفشل مشروعه السياسي
أكد الكاتب والمحلل السياسي أحمد شديد أن الصفقة الأخيرة التي أُنجزت وتم خلالها إطلاق سراح عشرين أسيرًا إسرائيليًا، تُعد دليلًا إضافيًا على فشل "رواية النصر المطلق" التي روّج لها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ بداية الحرب على غزة، مشيرًا إلى أن الواقع السياسي والميداني يثبت أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة.
قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد شديد، في حديث خاص لــ"رايــة"، إن المسألة لا تتعلق بتأييد أو معارضة الطروحات التي تعتبر الصفقة الأخيرة مؤشرًا على فشل إسرائيل، بل إن المنطق وحده كافٍ لفهم الصورة، إذا ما تمت مراجعة الأهداف التي أعلنها نتنياهو منذ اليوم الأول للحرب وحتى ما قبل انتهائها بأيام، والتي كان يختصرها بما سماه "النصر المطلق".
وأضاف: "تجاوزنا المرحلة الأولى التي كانت تقوم على استمرار المقتلة، والتي شكّلت إلى حدٍّ ما ضمانة لبقاء حكومة نتنياهو، خصوصًا في ظل ضغط حزبي قوة يهودية والصهيونية القومية بزعامة بن غفير وسموتريتش".
وأشار شديد إلى أن محاولات التهجير كانت حاضرة بقوة في العقلية الإسرائيلية والممارسة على الأرض، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا، مؤكدًا أن المشروع الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو منذ أكثر من ثلاثين عامًا تلقى ضربة قاصمة.
وقال: "نتنياهو الذي تحدث مرارًا عن أنه سيستعيد الأسرى بالقوة، اضطر في النهاية إلى التفاوض مع حركة حماس، وأبرم معها اتفاق تبادل، ودفع ثمنًا لذلك بإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وتسلم الأسرى الإسرائيليين عبر الصليب الأحمر، ما يؤكد أن إسرائيل لم تستعدهم عبر قوتها العسكرية أو قدراتها الاستخبارية".
وبيّن أن من فاوض نتنياهو هي حماس، ومن وقّع معه هي حماس، ومن أطلق سراح الأسرى هي حماس، وبذلك سقطت رواية "القضاء على حماس"، بينما بقيت مسألة نزع السلاح في مراحل الاتفاق الأولى.
وأضاف شديد: "ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض قبل وصوله إلى المنطقة، أكد أن بقاء حماس وسلاحها سيضاف إلى سلسلة الفشل الكبير الذي مُنيت به حكومة نتنياهو وجيشه".
وتابع أن الجيش والأذرع الاستخبارية الإسرائيلية كانت من أكثر الجهات التي طالبت بوقف الحرب بعد أن قدمت كل ما لديها خلال الأشهر الستة الأولى، مشيرًا إلى أن ما جرى بعدها أصبح استنزافًا لإسرائيل ولمواردها وشبابها، وكشفًا لعجزها أمام العالم، إلى جانب الصحوة الإنسانية العالمية التي اجتاحت الأرض من الشرق إلى الغرب.
وأوضح أن وقف الحرب شكّل هزيمةً واضحة لمشروع نتنياهو الذي كان يدرك أن أي وقف للقتال سيعني سقوط خطته وشعاره عن "النصر المطلق"، لكنه اضطر إلى ذلك نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية المتزايدة.
وقال شديد: "قبل أيام معدودة، كان نتنياهو يهدد بإعادة احتلال قطاع غزة ونقل السكان الفلسطينيين جنوبًا وحتى خارج الحدود، لكنه غيّر موقفه فجأة تحت ضغط التحرك الأمريكي والدولي، بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية الشغل الشاغل لصناع القرار والمؤسسات الحقوقية في العالم".
وأشار إلى أن المشهد في الأمم المتحدة كان كاشفًا، "فبينما غادر معظم الوفود قاعة الجمعية العامة، وقف نتنياهو يخاطب نفسه في قاعة شبه فارغة"، وهو ما عكس العزلة الدولية التي تعيشها إسرائيل، بحسب تعبيره.
وأكد أن الاعترافات الأوروبية المتتالية بدولة فلسطين، من إسبانيا وبريطانيا وفرنسا، شكلت مؤشرًا واضحًا على تبدل المزاج الدولي، لافتًا إلى أن أربعة من أصل خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن باتت تعترف بفلسطين، ما عزل الولايات المتحدة سياسيًا.
وختم شديد بالقول: "حتى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عبّر عن هذا الواقع حين قال إن نتنياهو دمر غزة، لكن غزة دمرت إسرائيل عالميًا، وهذا التحرك الأمريكي اللاحق جاء لإنقاذ إسرائيل من نفسها. رغم أن بنود الاتفاق تصب بمعظمها في مصلحة إسرائيل، إلا أن نتنياهو يدرك أن فكرة النصر المطلق قد سقطت تمامًا".