الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:48 AM
الظهر 11:25 AM
العصر 2:18 PM
المغرب 4:43 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

قصة من غزة

وصيتهم تقوده… ناجٍ وحيد يحارب من أجل حقه في التعليم وسط الحرب

الطالب المتفوق وسيم تمراز
الطالب المتفوق وسيم تمراز

راية - غزة - أماني شحادة

في قلب قطاع غزة، حيث تُحرم الأطفال والطلاب من أبسط حقوقهم خلال الحروب، تبرز قصة وسيم تمراز من مخيم النصيرات كرمز حي لارتباط التعليم بالكرامة الإنسانية، وكونه حقًا أساسيًا لا يسقط حتى تحت القصف.

في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد وسيم 13 فردًا من عائلته دفعة واحدة، بينهم والداه وإخوته الثلاثة، إثر قصف دمّر منزلهم بالكامل خلال حرب الإبادة على غزة. نجى وحيدًا، بينما تحوّل البيت إلى كومة تراب بلا معالم.

يستذكر وسيم تلك اللحظات بقلب مثقل بالحزن: "بعد دقيقتين من خروجي من البيت… المنطقة كلها مُسحت، خمسة من عائلتي استشهدوا، وما إلهم قبور أزورها ولا ودّعتهم".

على مدار أسبوع كامل، ظل يحفر الركام بأيديه بحثًا عن الجثامين، قبل أن يتمكن من استئجار آلة بسيطة على نفقتهم الخاصة، ولم يجد سوى شبه جثة واحدة، فيما تبقّى من بقية الأجساد كيس واحد من الأشلاء، وفق روايته لـ "شبكة راية الإعلامية".

يقول بحزن عميق: "انتهت الحرب… بس الألم ما انتهى، 8 شهور وأنا بدوّر عليهم، مش قادر أحكي لنفسي إنهم راحوا".

التعليم كمساحة للحياة

مع اقتراب امتحانات الثانوية العامة في منتصف الحرب، كان وسيم غارقًا في الصدمة ومحاولًا فهم مصير عائلته، لكن وصية والده ظلّت تلاحقه: "والدي كان يحكيلي دايمًا: ادرس، وكمّل هندسة… هاد حلمه".

انتقل للعيش في منزل عمّه، وهناك بدأ محاولة استعادة حقّه الأساسي في التعلم، رغم واقع يكاد يكون مستحيلًا: غياب المدارس والمعلمين، القصف المستمر، الجوع ونقص المياه، انعدام الكتب والموارد والبيئة التعليمية الآمنة. ومع ذلك، ظل يدرس تحت أصوات الطائرات والانفجارات، حاملًا فراق عائلته على كتفه.

يقول وسيم: "كل دقيقة بالدراسة كان يرافقني طيفهم… كنت أدرس ودموعي تنزل، بس وصيتهم كانت أقوى من ضعفي".

وفي النهاية، رغم كل الظروف الصعبة، حصل على معدل 96% في الفرع العلمي، إنجاز يصفه بأنه انتصار لذكرى أسرته لا لنفسه.

مواجهة الانتهاكات واستعادة الحق

قصة وسيم ليست حالة فردية، بل انعكاس مباشر لما حل بمنظومة التعليم في غزة: تدمير مدارس وجامعات، تعطّل العملية التعليمية، مقتل آلاف الطلاب والمعلمين، وفقدان البيئة الآمنة والمرافق الأساسية.

يضيف وسيم: "أنا اليوم وحيد… بس لازم أكمل حلمهم، الدراسة بدونهم صعبة، والجامعات مدمرة، والوصول لهندسة صار شبه مستحيل، بس رح أضل أحاول".

بالنسبة له، حلم الهندسة لم يعد مجرد اختيار تعليمي، بل جسر نفسي وحقوقي للتشبث بالحياة واستعادة شيء مما سُلب منه.

"نجوت… لأكمل الطريق"

بعد عامين على المجزرة، ما يزال وسيم يعيش تفاصيل اليوم الذي خسر فيه عائلته، لكنه يرى في التعليم بوابة للنجاة الثانية: "أنا جسد بلا روح… بس تعليمي هو الشيء الوحيد اللي بربطني بالحياة وبوصيتهم".

قصة وسيم، بكل ألمها وقوتها، تفتح السؤال حول حق الأطفال واليافعين في التعليم أثناء النزاعات المسلحة، وكيف يتحول هذا الحق في غزة إلى معركة يومية للبقاء.

ورغم أن الطريق إلى الجامعة صعب وربما خارج حدود غزة، ما يزال وسيم متمسكًا بخيط الأمل الأخير، راجيًا: "أن أكمل دراستي في الهندسة، وأنتصر لعائلتي عبر المستقبل الذي أرادوه ليّ".

Loading...