خاص| الأمطار تغرق مخيمات غزة.. والنازحون يواجهون القصف والبرد معًا
في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، تشهد مناطق واسعة من قطاع غزة تصعيدًا وقصفًا مكثفًا أسفر عن شهداء وجرحى، بالتزامن مع كارثة إنسانية ضربت مخيمات النازحين بعد هطول أمطار قصيرة أغرقت الخيام وأتلفت ممتلكات آلاف العائلات.
وقالت مراسلة "رايـــة" ربا خالد، إن أبرز المناطق التي طالها القصف خلال الساعات الأخيرة تشمل مدينة غزة ومدينة خان يونس، موضحة أن عملية التصعيد "مستمرة بطبيعة الحال" وتوصف بأنها خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار منذ اليوم الأول.
وأضافت أن القصف المكثف أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، فيما تعمل فرق الدفاع المدني منذ ساعات الليلة الماضية على الوصول إلى المفقودين وانتشال إصابات وشهداء. وأشارت إلى أن السكان "يقاسون مرارة التصعيد والاستهدافات المستمرة"، إضافة إلى مرارة الأوضاع الإنسانية الكارثية التي "لا يجدون لها حلولًا حتى اللحظة".
وأوضحت خالد أن العديد من المؤسسات الدولية والإغاثية كانت قد حذرت قبل أسابيع من دخول فصل الشتاء من "كارثة إنسانية محققة"، لكنها لم تلق أي استجابة، إذ مُنعت المواد الأساسية المنقذة للحياة من دخول القطاع، وعلى رأسها مستلزمات الإيواء.
وتابعت أن الكارثة الإنسانية تحققت بالفعل، إذ غرقت أمس آلاف الخيام بمياه الأمطار في مواقع نزوح مؤقتة، في وقت يسيطر فيه الجيش الإسرائيلي عسكريًا على نحو 53% من مناطق القطاع. وأشارت إلى أن سكان الشجاعية والتفاح وشرق خان يونس وشمال القطاع ومدينة رفح هم عمليًا "جميعهم من النازحين"، وحتى من يعود إلى بيته داخل الخط الأصفر "يعيش نازحًا بين الأنقاض".
وحول وصول المساعدات إلى المخيمات، أكدت ربا أن الأمر "معقد إلى حد كبير"، إذ يسمح الاحتلال بدخول عدد ضئيل من الشاحنات، ليس هو العدد المتفق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار والمقدر بـ600 شاحنة يوميًا. وقالت إن القطاع يحتاج أكثر من 1000 شاحنة يوميًا لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات.
وأضافت أن الاحتلال "يغرق قطاع غزة بالمواد الثانوية" مثل القهوة والحلويات والسلع الكمالية، بينما يمنع الاحتياجات الأساسية كشبكات المياه ومواد البناء وترميم الصرف الصحي ومستلزمات الإيواء والمواد الغذائية الأساسية مثل اللحوم والبيض والدجاج والخضروات والفواكه. وأوضحت أن الأصناف التي تدخل متوفرة فقط عبر تجار وبأسعار مرتفعة "لا يقدر عليها السكان".
ونبّهت خالد إلى أن الاحتلال لا يكتفي بمنع الأساسيات، بل "يدخل كميات كبيرة من الهواتف الذكية والقطع الإلكترونية"، رغم عدم كونها احتياجات طارئة. وقالت: "لو خيّرتَ مواطنًا بين خيمة وهاتف، سيقول أريد خيمة. أريد أن يؤوي عائلته وأن يدفئهم من هذا الجو الماطر البارد".
وأشارت إلى أن هطول أمطار لم يتجاوز سبع دقائق فقط "أغرق شوارع قطاع غزة بالكامل ودمّر خيام النازحين". وحتى اللحظة تتواجد كثير من العائلات لدى أقاربها أو جيرانها "بانتظار أن تجف فراشهم وملابسهم تحت أشعة الشمس".
وفي رسائل النازحين التي نقلتها ربا للعالم، قالت إنهم يدركون تمامًا أن "اتفاق وقف إطلاق النار لم يتحقق فعليًا"، إذ يتعرضون للقصف الجوي والمدفعي وعمليات الاغتيال منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ. ويطالب النازحون — بحسب ربا — بضرورة "تأهيل مخيمات الإيواء" وضخ مساعدات عاجلة وإدخال معدات ثقيلة لتهيئة الأراضي وإزالة الركام لإقامة مخيمات صالحة.
وأضافت أن المخيمات التي نُصبت حتى الآن، رغم الجهود المبذولة، "غير صالحة للسكن"، فبين الخيمة والخيمة متر واحد أو متران فقط، ولا يوجد مكان لوضع موقد أو نشر الغسيل أو حفظ المستلزمات الأساسية، بينما تُمنح العائلة خيمة واحدة فقط لا تفي بحدّها الأدنى من احتياجات الحياة.

