عزام إسماعيل.. من تحدي الإعاقة إلى قيادة بلدية البيرة وصناعة الأثر
استضاف برنامج "ضيف الرايـــة" عبر أثير شبكة رايـــة الإعلامية رئيس بلدية البيرة السابق والإعلامي والرياضي المخضرم عزام إسماعيل، في حلقة خاصة استعرض خلالها محطات مفصلية من حياته، بدءًا من طفولته الصعبة، مرورًا بمسيرته الرياضية والإعلامية، وصولًا إلى تجربته في رئاسة بلدية البيرة بين عامي 2017 و2021.
ولد إسماعيل في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1956، وعاد مع أسرته إلى مدينة البيرة عام 1964، حيث أُصيب بشلل الأطفال نتيجة خطأ طبي، ما حرمه من الالتحاق المبكر بالمدرسة. تلقى تعليمه في المنزل حتى الصف الرابع بإشراف معلمة خاصة، قبل أن يلتحق لاحقًا بمدرسة الفرندز للبنين.
ويؤكد إسماعيل أن دعم العائلة والمدرسة كان حجر الأساس في تجاوز محنته، مشيرًا إلى أن الإرادة والتحدي شكلا عنوانًا دائمًا في حياته، حيث كان يتنقل بدراجته الهوائية في شوارع رام الله والبيرة مستخدمًا العصا في الدفع، حتى حصل لاحقًا على رخصة قيادة.
الرياضة… شغف تحوّل إلى رسالة
نشأ حب الرياضة لدى إسماعيل منذ طفولته، خاصة مع قرب منزله من ملعب الفرندز، حيث تابع المباريات يوميًا. لاحقًا، أصبح لاعبًا وحارس مرمى، ثم دخل عالم التحكيم المدرسي، وهو ما شكّل نقطة تحول في علاقته بالرياضة.
التحق بالحركة الكشفية، وتدرّج في مناصبها، قبل أن يتولى مناصب قيادية في مؤسسة شباب البيرة منذ عام 1980، حيث شغل مواقع المشرف الرياضي وأمين الصندوق، ثم نائب الرئيس، وصولًا إلى رئاسته الفخرية لاحقًا. واستمر في مواقع القيادة داخل المؤسسة لما يقارب 40 عامًا.
كما انتُخب عضوًا في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لأربع دورات متتالية، وترأس خلالها لجنة المسابقات العامة، وهي من أهم اللجان في الاتحاد، حيث أشرف على البطولات في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويؤكد إسماعيل أن الحياد والنزاهة شكّلا أساس عمله الإداري، موضحًا أن القرارات كانت تُطبق على الجميع دون استثناء، حتى لو طالت ناديه ذاته.

من رسالة شكوى إلى مسيرة إعلامية حافلة
بدأت علاقة عزام إسماعيل بالإعلام من خلال رسالة شكوى نشرها في صحيفة «القدس» بسبب تدفق مياه المجاري إلى ملعب الفرندز، لتكون تلك الرسالة مدخله الأول إلى عالم الصحافة. بعدها غطى النشاطات الرياضية لمؤسسة شباب البيرة، وكتب مقالات نقدية في الصحف المحلية.
شغل لاحقًا منصب محرر الزاوية الرياضية في صحيفة «الشعب»، ثم أصبح مدير مكتب صحيفة «القدس» في رام الله والبيرة بين عامي 1977 و1989، قبل أن يعتذر عن الاستمرار بسبب ظروف الانتفاضة الأولى.
رئاسة بلدية البيرة… قرارات صعبة وإصلاحات حساسة
في عام 2005 دخل إسماعيل المجلس البلدي عضوًا، ثم أعيد انتخابه عام 2012، قبل أن يترشح لرئاسة بلدية البيرة عام 2017 ويُنتخب رئيسًا لها لمدة خمس سنوات.
ويصف تلك المرحلة بأنها من أصعب مراحل حياته، بسبب التراكمات الإدارية، والتحديات المالية، وجائحة كورونا التي عطّلت الحياة العامة لثلاث سنوات. وأبرز الملفات التي واجهها:
- إصلاحات دائرة البناء والتنظيم ومعالجة عشرات المخالفات.
- تحويل نحو 200 موظف إلى صندوق التقاعد الحكومي حفاظًا على موازنة البلدية.
- مواجهة ضغوط بعض المستثمرين عند فرض القانون.
وأكد أن أي عملية إصلاح حقيقية لا بد أن تواجه مقاومة في البداية، لكنه شدد على أن المصلحة العامة للمدينة كانت دائمًا المعيار الأساسي.
وأشار إسماعيل إلى أن الاستيطان واقتطاع أراضٍ من مدينة البيرة يعيق التوسع العمراني، إضافة إلى رفض بعض المواطنين لمشاريع توسيع الشوارع، ما يفاقم الأزمة المرورية. كما انتقد غياب الرؤية الشمولية للمخططات الهيكلية، وتداخل المناطق السكنية بالتجارية.
البلدية تسرق الوقت… وغياب شبه كامل عن الحياة الخاصة
واعترف إسماعيل بأن رئاسته للبلدية استنزفت أكثر من 90% من وقته، وأثّرت على حياته الأسرية، مؤكدًا أن رئيس البلدية يكون في حالة عمل دائمة على مدار الساعة، ويتعامل مع قضايا المواطنين حتى في ساعات الليل المتأخرة.
وأوضح أن أبناءه الثلاثة يعملون معه في نشاطاته الخاصة، إلى جانب دعم زوجته في الجوانب الإدارية، مشيرًا إلى أهمية وجود هيكلية واضحة في العمل لضمان الاستمرار والنجاح.
واقع الإعلام الرياضي اليوم
وفي تقييمه لواقع الصحافة الرياضية، أكد إسماعيل أن الإعلام الرياضي اليوم أكثر اتساعًا وتطورًا مقارنة بسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت الصفحات الرياضية محدودة جدًا، والعمل الصحفي قائمًا على التطوع، فيما يشهد اليوم احترافًا أكاديميًا ومؤسساتيًا واسعًا.
وفي ختام اللقاء، وجّه رسالة واضحة للشباب، دعاهم فيها إلى الانخراط في الأندية والمؤسسات الكشفية والرياضية والثقافية منذ الصغر، معتبرًا أن العمل التطوعي هو المصنع الحقيقي للقيادات المستقبلية، وأن الابتعاد عنه يعني قطع الطريق أمام نشوء قادة جدد للمجتمع.

