يانون.. القرية المنسية الصامدة
راية - تامر الدويك
تقع قرية يانون جنوب شرق مدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، وتُعد من القرى الزراعية الصغيرة التي يعتمد سكانها على تربية المواشي وزراعة الحبوب والزيتون. يبلغ عدد سكانها عشرات الأفراد، وتنتمي معظم العائلات إلى امتدادات اجتماعية من القرى المجاورة، لا سيما عقربا.
في أيلول/سبتمبر 2002، وخلال ذروة الانتفاضة الثانية، تعرضت يانون لتهجير قسري شبه كامل، بعد تصاعد اعتداءات المستعمرين الإسرائيليين القادمين من المستعمرات والبؤر الاستيطانية القريبة، خصوصًا محيط مستعمرة “إيتمار”. وشملت هذه الاعتداءات التهديد بالسلاح، والاعتداء الجسدي على السكان، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم ومراعيهم، وذلك في ظل وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يتدخل لوقف الاعتداءات.
وبحسب توثيقات حقوقية، اضطر جميع سكان القرية تقريبًا إلى مغادرتها خوفًا على حياتهم، ولجأوا إلى قرية عقربا القريبة، ما أدى إلى إفراغ يانون بالكامل من سكانها لفترة من الزمن. وقد اعتُبر هذا التهجير مثالًا على ما وصفته منظمات حقوق الإنسان بسياسة “الترحيل غير المباشر” الناتج عن العنف المتواصل وانعدام الحماية.
في عام 2003، عاد عدد من سكان يانون إلى القرية، بعد حملة تضامن فلسطينية ودولية، شملت وجود نشطاء أجانب بشكل دائم داخل القرية، الأمر الذي ساهم في تقليص حدة الاعتداءات، دون أن يؤدي إلى توقفها بشكل كامل. ومنذ ذلك الحين، يعيش سكان يانون في ظروف غير مستقرة، مع استمرار الاعتداءات المتفرقة، وفرض قيود على الرعي والزراعة، وغياب الحماية القانونية الفعلية.
وتقع يانون ضمن المناطق المصنفة “ج”، الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية الكاملة، ما يحد من إمكانيات التطوير والبناء فيها، ويجعلها عرضة لمخاطر المصادرة والتضييق المستمر. ورغم ذلك، ما تزال القرية مأهولة، ويواصل سكانها التمسك بأراضيهم وممارسة أنشطتهم الزراعية ضمن هامش ضيق تفرضه الوقائع الميدانية.
تُعد قضية يانون واحدة من الحالات الموثقة التي تُستخدم في التقارير الحقوقية لتوضيح أثر اعتداءات المستعمرين على الوجود الفلسطيني في المناطق الريفية المعزولة من الضفة الغربية، لا سيما في محيط نابلس وجنوبها الشرقي.

