أراضي بيت حانون الزراعية تشتكي الدمار والحصار

راية نيوز: يتغير الزمان وتختفي ملامح المكان فتبقي كلمات وتعبيرات تتراوح مابين حزن وألم.. وغضب..وحسرة، فتفاصيل قصةٍ تاهت مع تزاحم الاعتداءات وتواريخها في رأسه، والبداية يرويها بكلمات تعثرت على لسانه سخطاً وألماً.

'سلطان المصري77 عاماً' معاناته لم تنته عندما اقتلعت الجرافات الإسرائيلية أكثر من ستين دونماً من الحمضيات شرق بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة فيقول ' خسارتي في محصول الحمضيات خسارة كبيرة جداً كنت اعتاش من ورائها ، مؤكداً أن الاحتلال دمر أرضه بالكامل ولم يترك من أثرها إلا جذوع الشجر وبعضاً من حبات البرتقال دثرت في تراب الأرض المجرفة'، ويتابع:' بعد تجريف كافة الأشجار التي زرعتها وكنت محافظا عليها كما أحافظ علي عيني، هممت بزراعة بعض المحاصيل الموسمية، ولكن هذا الحال لم يعجب جنود الاحتلال فعادوا مرة أخري ودمروا تلك المحاصيل وهي في طور إنباتها الأول بهدف التخريب وإلحاق الأذى بالأرض وصاحبها، لتصبح جرداء قاحلة فنتركها ويستولون عليها، كنت دوماً في معارك ضارية من أجل الحفاظ على أرضي ولا زلت'، ارضي أصبحت الآن بمثابة صحراء قاحلة لا استطيع زراعتها مجددا خوفاً من أن يحدث ذات المصير كمصير المحاصيل السابقة فخسارتي كبيرة لا تقدر بثمن ، اقتلاع هذه الأشجار كان أشد ألمًا من هدم منزلي، لأنها تحتاج عشرات السنين لتنمو مرة أخرى'.

'اضطررت إلي تغيير نمط الزراعة في ارضي بمحاصيل القمح والشعير والعدس بسبب الاعتداءات المتكررة علي ارضي' بهذه الكلمات تحدث ' أبو إيهاب 60 عاماً ' موقع ارضي علي الطريق العام عند مدخل بلدة بيت حانون أكثر من سبعة عشر دونما جرفت بالكامل، كانت جميلة جدا وأشجار الحمضيات تعطي منظرا خلابا لتلك المنطقة، وبسبب الاعتداءات المتواصلة والمتكررة من اجتياحات وتدمير لكل شيء في تلك المنطقة حاولت لأكثر من مرة بأن أعيد زراعة الأرض بالأشجار المثمرة ولكن دون جدوى فالحادثة تتكرر، وأتكبد خسائر فادحة، اضطررت إلي زراعتها ببعض المحاصيل الموسمية'.

ويتابع:' في الآونة الأخيرة ترددت أنباء عن اجتياح جديد لقطاع غزة مما اضطرني إلي التبكير في جني المحاصيل ونقل المعدات من تركتور وأدوات للزارعة ومضخة المياه لتخفيف وطأة الخسائر التي تكبدتها سابقاً.

وعلى مقربة من الحدود الشرقية لبيت حانون تلتقط الحاجة أم أيمن أبو عودة بعض حبيبات الباذنجان التي زرعتها من أرضها التي جرفت بالكامل وتقول:' ابني استشهد هنا..استشهد وهو يعتني في هذه الأرض، جرفت الأرض بالكامل واختلطت دماؤه بتراب هذه الأرض التي طالما أعطتنا من خيرها تكبدنا خسائر فادحة وأضرار جسيمة في مصدر رزقنا '.

ولكن الضرر الأكبر يعود على أصحاب الأراضي الزراعية وهي الأكثر استهدافا في العدوان المتواصل حيث بلغت نسبة الأراضي الزراعية بها 5040 دونما زراعيا من إجمالي مساحة المدينة البالغة 11600 دونما أي بنسبة 44%.

وُنقل عن الخبراء والفنيين المختصين تقديرهم للخسائر المباشرة وغير المباشرة التي منيت بها بيت حانون منذ بدء القصف في شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي بحوالي مليون دولار جراء استهداف البنى التحتية وتدمير العديد من المنشآت و المنازل، وتجريف حوالي 500 دونم من الأراضي الزراعية المزروعة بأشجار الفاكهة والحمضيات والزيتون والخضروات المحمية بالدفيئات الزراعية، في حين بلغت الخسائر في القطاع الزراعي حوالي 400 مليون دولار منها حوالي 160 مليون دولار خسائر المنطقة الشمالية من قطاع غزة ومن هذه تبلغ خسائر منطقة بيت حانون حوالي 50 مليون دولار .

ولأن الاعتداء المتواصل بالجرافات الإسرائيلية وإن خفت في الأشهر الأخيرة له الأثر المباشر، إلا أن للحصار نصل سيفه على مواسم الزراعة في كامل قطاع غزة الذي يعيش تحت وطأة العزلة عن العالم الخارجي ولهذه المواسم ونكساتها قصص أخرى...