صابراً على أذى المستوطنين الحاج أبو حسني يرابط في بيته الملاصق لمستوطنة كريات اربع في الخليل
الخليل- خاص (شبكة راية الاعلامية):
كتب: فؤاد جبارين
لجأ الحاج عبد الحي أبو سعيفان الملقب بـ"أبو حسني" عام 1949م الى مدينة الخليل بحثاً عن الأمن والأمان، هارباً من وحش الإحتلال الذي نهش تراب بلدته الفلوجة، ليحولها فيما بعد الى مستوطنة كريات قاد، ولكن الحاج أبو حسني لم يكن يعلم أن الإحتلال سيلحق به الى ملجأه الخليل، وسيصادر أرضه وأرض غيره ليقيم عليها مستوطنة كريات اربع.
معاناة الحاج عبد الحي أبو سعيفان " أبو حسني " ربما هي الأصعب على مستوى الوطن أو ربما على مستوى العالم، فبكاء الحاج ذو ال72 عاماً أثناء تبادلنا الحديث، لخص القضية بكل تفاصيلها.
فيقول الحاج أبو حسني أنه شرع ببناء بيته عام 1963 ، في أرض مرصعة بالزيتون وأشتال من العنب، ولم يكن له فيها جار يذكر،ويضيف:" بنيت غرفة أخرى بجانب البيت بعد أربعة سنوات، وسرعان ما بدأ المحتلون يتوغلون في أرضي، يوماً بعد يوم، يضعون الأسلاك الشائكة، وما لبثت أن أصبحت ملامح مستوطنة جديدة تبدأ بالظهور بجانب بيتي، إنها كريات أربع المقامة على أرضي وأرض أهالي الخليل، ومنذ ذلك اليوم وهم يحاولون طردي من هنا بكل الطرق ولكن لن أتحرك من بيتي، فهذا البيت سيبقى كالشوكة في حلق الإحتلال، وهو الذي يمنع مستوطنة كريات اربع من الإمتداد والسيطرة على جميع أراضي مدينة الخليل".
ويوضح أبو حسني:"دونم ونصف داخل حدود المستوطنة من أرضي أخذها المحتلون مني بالقوة، وهذه العمارات الشامخة التي يتفاخر بها المستوطنين مبنية على أرضي التي سرقوها.
اتخذ الإحتلال قراراً في اخر الستينات بهدم بيت أبو حسني عندما كان مسافراً لأداء العمرة، وسلموا أولاده إخطارات بالهدم بحجة أنه بيت غير قانوني، وقريب جداً من مستوطنة كريات اربع، ولكن الأوراق الثبوتية والطابو منعتهم من عمل ذلك.
وفي السياق ذاته يشرح أبو حسني قصته مع المستوطنين قائلاً أنهم يأتون الى بيته يومياً ويعتدون على ممتلكاته البسيطة، فهم يرمون الحجارة على البيت ويخرمون خزانات المياه باستمرار، ويقتلعون المزروعات، ويوم السبت يعاملونهم كالمساجين، ويمنعون أبو حسني وعائلته من الخروج الى الشارع "ذاك الشارع الذي يلتف كالحلقة على مدينة الخليل، ويسيطر عليه الإحتلال ويمنع أي سيارة عربية من المرور به".
عائلة الحاج أبو حسني يقفون في وجه المستوطنين عند نزولهم الى المنطقة، لكي لا يمتد ضررهم الى النساء وأهل البيت، لأن المستوطنين يتمنون غياب الشبان لينتهكوا حرمة البيت.
ويستذكر أبو حسني قصة إصابته وإبنه عند تصديهم للمستوطنين، فيقول :"في يوم من الأيام كان المستوطنين يتجمهرون أمام البيت، وسمحنا لهم بالمرور لكي نتجنب إعتدائهم، ولكنهم أصروا على الإعتداء علينا، فأطلقوا النار على إبني البكر"حسني" فرميت حجراً على المستوطن لكي يبتعد عنا، فقام باطلاق النار علي واصابني في يدي، ولا زلت أتألم من هذه الإصابة حتى الآن حيث وضع الأطباء داخلها جسر من البلاتين".
ويذكر أن هذه الحادثة قام أحد الشبان بتصويرها، واستخدمها الحاج ابو حسني في المحكمة فمنعت الإحتلال من سجنه بتهمة التعدي على المستوطن.
ويحدثنا الحاج أبو حسني عن نية المستوطنين لتخريب المناسبات السعيدة التي تهل على العائلة، ففي أيام العيد يتجمعون أمام البيت ويرمون الحجارة ويقومون بأعمال تخريبية، وكذلك يستذكر أبو حسني عندما قدم شاب لخطبة إبنته، فضربه المستوطنون حجراً فج رأسه، ويشير أبو حسني الى أن هذه الأساليب هدفها تهجير العائلة والسيطرة على البيت لربط مستوطنة كريات اربع بالبلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الشريف وبذلك يكون الإحتلال قد حقق مبتغاه.
في عام 1976 دفع الإحتلال للحاج أبو حسني شيكاً مفتوحاً ولكنه رفض المساومة لأنها إهانة له ولرباطه، ويقول باكياً :" خليهم يوخذوها بالقوة أنا ما ببيع أرضي، هاي معاناتنا من زمان، وصابرين للأبد، والله لو يطلعوني ميت ومرمي على ضهري ما بطلع من هون ولا ببيع شبر من هالأرض".
وعند سؤالنا عن الجهات التي تقدم المساعدة للحاج أبو حسني وعائلته أجاب بأن الحكومة الفلسطينية لم تقدم له أي خدمات أو رعاية مادية اومعنوية تذكر، وبلدية الخليل كذلك الأمر، الا ان اللجان في الخليل قدمت لهم المساعدة والرعاية، فلجنة اعمار الخليل ساعدت العائلة في تأهيل البيت منذ عدة سنوات، وتقدم لهم باستمرار الرعاية المعنوية والنفسية أيضاً ،و تبنت قضيتهم بالإضافة الى غيرها من القضايا التي ترعاها اللجنة في مدينة الخليل.
ويقول الحاج :"لا أناشد أحد في الوسط الفلسطيني لأنهم لن يقدموا اي مساعدة، ولا اطلب من أحد سوى الله ان يلهمنا الصبر على هذه القضية".
ويستذكر الحاج أبو حسني أيضاً أنه جمع في يوم من الأيام بعضاً من رجال المنطقة وذهب الى رئيس بلدية كريات اربع، وقدم شكوى على مستوطن كان قد اطلق النار بإتجاه الحاج، ولكن رئيس البلدية كان متعاوناً مع المستوطن ولم يتصرف تجاهه أي تصرف بل كان سيقبل على معاقبة الحاج أبو حسني وإعتباره الجاني.
اما هشام ابو سعيفان ابن أخ الحاج ابو حسني ، فيقول :"نفتقد الى الأمن والأمان ولا نلوم أحد لفقدان الخدمات والرعاية، وهنا المستوطنين مسلحين، والمجاورين عزل، ولا نملك الا الدعوة لله فقط" .
ويضيف هشام أن المستوطنين اعتدوا عليه مرات عديدة، بالضرب ورمي الحجارة والاستفزاز، ولم ولن يفكر يوماً بالرحيل من أرضه .
كما ويؤكد هشام :"احنا هون وجودنا فرض واجب علينا، هذه القضية قبل ان تكون وطنية هي قضية دينية فالاسلام دعانا للرباط ومن جهتي لا سلام مع اليهود فهم اغتصبوا ارضنا".
وناشد هشام ابو سعيفان البلدية للوقوف الى جانبهم في قضيتهم، وناشد جميع الجهات المختصة لإيجاد حل لهم مع تأكده بأن هذه القضية لا يستطيع أن يحلها أي مسؤول وإنما هو الرباط الذي سيمنع إمتداد المستوطنة وسيحمي الخليل على حد تعبيره.

