في الخليل: بيوت تنتظر المزيد من الأمطار لتسقط بسكانها

خاص (شبكة راية الإعلامية):

كتب : فؤاد جبارين

يكرهون الشتاء، بكل تفاصيله فالرياح ترعبهم والأمطار كابوس يُغرق نومهم بالسقوط والإندثار، يومياً ينظرون من النافذة ليراقبوا التشقق، كل ليلة وقبيل حكاية النوم يتفقدون الأعمدة الحاملة لمنزلهم، ذلك المنزل المتشقق الذي لا يخجل سكانه من البقاء بداخله فبيوت الجيران مشابهة لوضع بيتهم الذي يهدده الشتاء بالسقوط في كل موسم، بسبب بنائه من قبل الأجداد على "مُغُر" اي الحفر والمسربيات التي تكونها الطبيعة او يحفرها الإنسان تحت الأرض.
في حي الدير بالظاهرية جنوب الخليل يتوقع البعض من سكان هذا الحي ان بيوتهم ستقع على رؤوسهم بفعل الامطار والرياح لان موقعها على المغر، ويترقبون ذلك لحظة بلحظة كل شتاء بخوف شديد.
الشاب محمد دية من الظاهرية لخص لنا الحكاية بحديثه عن الشارع الذي قسمته الطبيعة الى قسمين قبل عام مضى، فالأمطار سحبت التراب والشارع الى بطن الأرض لتخلق ثغرة في ذلك الشارع الذي أفتح عيون أهل الحي لوجود مغارة كبيرة  تحت البيوت ستؤدي الى تساقط منازل الحي يوماً ما وبكل تأكيد.
ويشير دية الى أن خطورة المكان لا يعلمها الا اهالي الحي الذين يرتعبون في موسم الشتاء وأن اغلبهم يستأجرون خارج الحي وقت المطر او ينتقلون للعيش في مكان اخر تفادياً للموت سقوطاً واندثاراً تحت الركام في شتاء ما.
تحت هذه البيوت زقاق معتمة ورطبة فيها صوت قطط ورائحة عفن وهناك مياه شبيهة بالمياه العادمة، وسرعان ما اكتشفنا ان تلك الأجزاء المعتمة والرطبة والمخيفة تشكل الطوابق الأولى المهجورة من هذه المنازل والتي تركها اهلها لتلك القطط لكي تسكن فيها غير مكترثة بالعتمة ولا برائحة العفن والرطوبة التي يسببها تجمع المياه وانجراف التراب الى داخل تلك الطوابق المهجورة .
غلطة ارتكبها اجداد اهل هذه المنطقة اوقفت قدرة الدائرة الهندسية في بلدية الظاهرية عن التفكير في الحل المناسب، فالبلدية جزء من كل مشكلة في مكان تواجدها لا شك في ذلك، ولكن الحل هنا يكمن بالهدم وليس بالترميم او محاولة التصحيح، فالبيوت غير مرخصة وقديمة ولا توجد ميزانية لدى بلدية الظاهرية لإصلاحها حسبما افادت خلود النجار مديرة الدائرة الهندسية في بلدية الظاهرية.
وصرحت المهندسة خلود ان المواطن يقع عليه جزء كبير من المسؤولية بالتواجد في تلك البيوت الغير مرخصة والمعرضة للانهيار، واوضحت ايضاً ان البلدية تطلب من جميع المواطنين في الظاهرية الابتعاد عن البناء في الاماكن الخطرة ولكن ابناء هذا الوقت يتحملون اخطاء ارتكبت في الزمن الماضي ولا يسعون للتخلص منها بل يزاودون فيها بالبناء في البلدة القديمة التي سكنها الأجداد.
في هذا الخصوص حذر مدير الدفاع المدني في الظاهرية خليفة التلاحمة من ان هذه البيوت ستسقط يوماً ما، وأن الدفاع المدني يوجه المواطنين ويحذرهم من خلال ارشادات الوقاية، ولا يوجد لدى الدفاع المدني صلاحيات اكثر من ذلك تمكنه من التدخل في حل المشكلة، الا ان الطاقم سيعمل على توصيل التحذير للمواطنين في الحي بشكل اكبر واعلامهم بطرق الوقاية من التضرر في حال سقوط هذه البيوت.
وتبقى الحكاية مستمرة اليوم وغداً وبعد عام والخمول هو المسيطر على جميع الأطراف فيوم ما ستقع هذه البيوت ولن ينفع الندم ولن تفيد الملامة لأحد، فبعد الموت ستلصق التهمة بالقدر شماعة البشر في مثل هذه المواقف.