ثالوث "الدير" في محافظة سلفيت بين فكي مستوطنتي "بدوئيل" و "علي زهاف"
رام الله- شبكة راية الإعلامية:
الامهات في سهل ديربلوط يزرعن الارض في رسالة تحد للاستيطان وأمل ببزوغ شمس الحرية، فما ان تقف على مدخل سهل بلدة دير بلوط غرب سلفيت وتنظر إلى المنطقة الشرقية لتجد المشهد التاريخي لهذه البلده الذي يجسد الحضارة والهوية والصمود، ومن ابرز معالمها "دير قلعه" يميناً يقابلها "ديرسمعان".
ثالوث الدير الذي يقف في وجه توسعات مستوطنتي "بدوئيل" و "علي زهاف" ويتحدى الجرافات الإسرائيلية، لترى أكوام الصخور المترامية على أحد الجبال الحارسة لبلدة دير بلوط، تلك الصخور التي لم تنشأ بفعل التقلبات الطبيعية وانقسام الجبال، بل خلفتها الجرافات الإسرائيلية ومناشير الحجر المستحدثة من المستوطنين، التي كانت كفيلة لأن تجعل أكواما من الصخور جاثمة على نبض جبال البلدة.
ديربلوط والتوسع العمراني:
من جهته قال كمال موسى رئيس بلدية ديربلوط انه في الوقت الذي تتوسع فيه المستوطنات على حساب اراضي المواطنين، يتم التضييق على مواطني ديربلوط ومنعهم من التوسع، مشيرا الى عشرات الإنذارات التي وجهت لأهالي القرية من قبل الاحتلال لاقتلاع أشجار الزيتون وهدم المباني التي تقع خارج المخطط الهيكلي للبلدة، وعدم السماح بالتمدد العمراني او تجديد البناء في المناطق المصنفة (c) ، اضافة الى مصادرة الاحتلال ما لا يقل عن 28 ألف دونما من أراضي البلدة، ومنع المزارعين من فتح طرق زراعية وتوصيل خطوط المياه والكهرباء.
مخططات استيطانية:
بهذا الخصوص حذر محافظ سلفيت عصام ابو بكر من همجية المخططات الاسرائيليه وخطورتها في الاستيلاء على اراضي محافظة سلفيت بشتى الطرق من خلال جدار الفصل العنصري والتوسعات الاستيطانيه وصفقات عقارية، واوامر مصادرة الاراضي واعلانها مناطق عسكرية، وشق طرق التفافيه، وذلك بهدف خدمة المخططات الاستيطانية الاحتلالية التي لم ينفذ منها على الارض سوى 30% مما هو مخطط له . ويشير ابو بكر الى عدد المستوطنات المترامية على قممم الجبال، والتي يطلق عليها اسرائيليا "اصبع ارئيل" وتعرجات جدار الفصل العنصري، التي توضح طبيعة المناطق الاكثر استهدافا من قبل قطعان المستوطنين بدءاً من مفرق زعتره وتمتد نحو الغرب لتصل الى الخط الاخضر وهذا يعني قسمة المحافظة الى نصفين ومصادرة معظم اراضيها.
الاستيطان خطر يهدد اراضي دير بلوط:
تحت حماية قوات الاحتلال وفي تحدٍ للطبيعة والبشر والقوانين الدوليه اقامت اسرائيل جدار الفصل العنصري في منطقة ديربلوط لتصادر من 7 الى 8 آلاف دونما خلف الجدار، وتقوم بمنع أصحاب الأراضي المحاذية للجدار من زراعتها. ويشير المزارعون إلى أن المنطقة الجنوبية من البلدة يعتبرها الاحتلال محميات طبيعية، ويمنع المواطنين من دخولها أو زراعتها، على الرغم من أنها منطقة مزروعة بمئات أشجار الزيتون، وهي مهددة بالمصادرة ، وان الاحتلال يسعى الى تخريب المحاصيل الزراعية من خلال افلات الخنازير البرية في حقول المزارعين.
ويؤكد محافظ سلفيت على ان السلطات الإسرائيلية، تسعى جاهدة الى توسيع مستوطناتها وانشاء بؤر استيطانيه بوتيرة متسارعة لايجاد واقع ديمغرافي جديد، معربا عن تخوفه من ضم دير قلعه الى مستوطنة "بدوئيل" ودير سمعان داخل مستوطنة "علي زهاف"، مضيفا ان عمليات سرقة الآثار تتم بشكل رسمي من خلال سلطة الآثار الإسرائيلية، وتستهدف عشرات المواقع الأثرية في محافظة سلفيت التي تضم اكثر من 150 خربة اثرية.
المناطق الاثرية:
تتميز بلدة دير بلوط بالشواهد التاريخية وكثرة الأماكن الأثرية التي لم تسلم من السرقة وخطر الاستيطان ، ومن ابرز معالمها منطقة دير سمعان ودير قلعة وبيت زنون ومقام الشيخ إبراهيم، أم الحمام، خربة مسمار ، خربة دير دقلة، وخربة كسفة.
صمود في وجه الاستيطان:
"دير قلعة" تجسد قصة صمود وتحدي للاستيطان، تقع فوق قمة عالية تطل على بلدة دير بلوط والسهل الساحلي الفلسطيني، فيها ساحة داخلية، وسلسلة من الغرف والأرضيات الفسيفسائية الملونة والعادية، عليها رسوم وقنوات مائية، وصهاريج ومعاصر عنب ومدافن، وتم تقدير تاريخ هذا الدير بالاعتماد على الدلائل السطحية، حيث يعود إلى القرنين السادس والسابع الميلاديين، ويعتقد انه شيد في عهد الإمبراطور "جوستنيان".
اما منطقة "ديرسمعان" التاريخية فهي تقع ضمن اراضي بلدة كفر الديك، فيها قلعه رومانية تتربع على مساحة 3 دونمات تعتلي تله تطل على سهل ديربلوط و يوجد فيها عناصر منحوتة في الصخر بشكل دقيق، فالأقواس والبرك منحوتة بدقة عالية ، فضلًا عن الفسيفساء التي تغطي الأرضية بشكل متوازن ومستويٍ، بالاضافة الى بقايا أعمدة حجرية وحجرات منحوتة في الصخر ونظام مياه معقد يعود تاريخه إلى نحو 1500 عام وبرك مياه وساعة شمسية.
ويرى منتصر موسى مدير السياحة والاثار في سلفيت ان هذه الاديرة هي جزء من التراث الثقافي للشعب الفلسطيني وان الممارسات الإسرائيلية الحاصلة تمثل انتهاكا للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية . مضيفا ان سلطات الاحتلال قامت مؤخرا برفع بعض الأرضيات الفسيفسائية ونقلها الى متاحف ومناطق اخرى في اسرائيل .

