طوباس تحتفل بروضتها "الخضراء"!

رام الله- رايــة:
تحلق عشرات الأطفال في الروضة الصديقة للبيئة حول زميلهم محمد نائل، الذي اختار عبوة بلاستيكية لزراعة نبتة نعناع، فيما زينها بمساعدة والدته بصورته، وبأوراق ملونة، وراح يشرح بعفوية عنها: يقول: "جبنا علبة لبن فاظية، وعبيناها تراب، ولفينها بورق حلو، وزرعت فيها نعنع، عشان نتعلم نزرع، ونحب البيئة."
فيما راح المستمعون يتسابقون في الوصول إلى معلمتهم للبوح باسم الوردة أو النبتة التي سيزرعونها، والوعاء البلاستيكي أو المعدني الذي سيعيدون استخدامه، وأخذوا يتحدثون عن الوجبة التي ترافقهم. تقول سديل خراز: بدي أزرع وردة مخمل، ومعي سندويشة زعتر. ومثلها سيفعل معتز برهان.
وتناوبت سيراون قدري، وريماس خضر، ونور الهدى محمد، ورحيق شواهنة، وروعة أسعد، وحلا سالم، ومحمد جمال، ومريم سليمان، وريان محمد، ومريم رياض، وأكثر من مئة طفل على سرد أسماء الأزهار والنبتات التي سيزرعونها، والوعاء الذي سيحضرونه، والسندويشة التي ترافقهم، ثم انتقلوا للحديث عن فوائد غرس الأشجار والأزهار في الروضة والحديقة والشارع والمزرعة والمدينة وكل مكان.
أمل
من إجابات الزهرات والأطفال، وعددهم 156، يمكن رسم لوحة بالنباتات والورود التي ستُزرع، وهي: النعناع، والميرمية، والزعتر، والريحان، والمخميلية، والياسمين، وعطر الليل، والخبيزة، وفم السمكة، والقرنفل. فيما جاءت الأوعية التي ستستضيف غراسهم: عبوة لبن فارغة، قارورة عصير، علبة سمن، علبة حلوى وبوظة.
أما الشطائر التي ترافقهم، فهي خالية من النقانق والمرتديلا والشيبس، ومنحازة للزعتر والجبنة البيضاء والحمص والعسل والمربى.
يقول وسيم: الأشجار تعطينا التفاح والمشمش، وتكمل حلا: ونجلس تحتها في أيام الحر، وتضيف ريماس، وتعطينا الهواء النظيف، وتتابع رحيق: ونحصل منها على مدينة جميلة. وتتكرر إجابات ولاء، ويوسف، ومحمد، وتالا، وفوز، وسديل، لتشير إلى تقسيمات الشتاء، وميزات الربيع، والصيف، والخريف.
وكان مركز التعليم البيئي وجمعية طوباس الخيرية بالشراكة مع وزارة الإعلام أطلقوا نهاية 2012 مبادرة الروضة الصديقة للبيئة، لغرس المفاهيم الخضراء في سن مبكر، وتعليم الأطفال حب بيئتهم والمحافظة عليها.
تربية بيئية
تقول رئيسة جمعية طوباس الخيرية مها دراغمة، إن غياب التربية البيئة في مجتمعنا هي التي دفعت إلى تبني هذه المبادرة، في محاولة للبدء بثقافة مختلفة تسعى إلى تغيير الواقع القائم.
وتوضح أن تحولت بالفعل إلى مفهوم الروضة الصديقة للبيئة، وعلمت الأطفال بشكل دوري ودائم العديد من المفاهيم الخضراء، والقدرة على التعبير عن الذات، ومنعا بيع المسليات التقليدية، وشجعت تداول أطعمة طبيعية وتراثية وفاكهة وأعشاب طبيعية.
فيما أكد المدير التنفيذي لمركز التعليم البيئي سيمون عوض، أن تشجيع مبادرات رياض الأطفال الصديقة للبيئة يحمل قيمة تربوية مستدامة، ويصقل شخصية الأطفال بشكل مغاير عن النمط السائد، ويصنع وعيا في مرحلة مبكرة من عمرهم؛ ما يعني أنه يشكل ضمانة للتغيير المستقبلي، ويترجم الوعي البيئي إلى ممارسات نفتقدها اليوم.
وأشار إلى أن الروضة الخضراء تستطيع بناء نموذج تربية بيئية تطبيقية، وبخاصة في ظل تراجع الوعي المجتمعي وعدم الاهتمام بقضايا البيئة.
وطوال الفصل الدراسي الحالي، تلقى الأطفال ومعلماتهم: لينا دراغمة، وأسمى دراغمة، وسائدة دراغمة، وندى دراغمة، وصباح دراغمة. دروساً في التربية البيئية، وخرجوا في رحلات للتعرف على نباتات فلسطين وأزهارها، وشاهدوا أفلاما تتحدث عن الشيبس والنقانق والمرتديلا والمشروبات الغازية، وتعلموا فوائد الأشجار، ومضار النفايات العشوائية وحرقها، وتمرنوا على فصول السنة، وتلقوا توعية حول الغذاء الصحي، واستمعوا لإرشادات حول الاستخدام الأمثل للمياه، وبخاصة في ظل انحباس الأمطار الطويل الشتاء الماضي.
تقول دراغمة: سنواصل العمل بعد تخرج الأطفال وانتقالهم إلى المدرسة، وحتى في العطلة الصيفية، ونحرص على أن نرسل للأهالي كل حفل تخرج رسالة لمساعدتنا في جهودنا، من خلال مواصلة الاهتمام بأطفالنا، وتوجيههم إلى الاستمرار في المبادئ البيئية التي تعلموا عليها، خلال العطلة الصيفية، وأثناء انتقالهم إلى المدرسة.
تواصل
وتضيف: سننظم لقاءً كل فصل دراسي يجمع الأطفال الذين تخرجوا بالأطفال الجدد، وسنواكب مسيرة الروضة البيئية، وسنتواصل مع مديرية التربية والتعليم لإنجاح رسالة الروضة الخضراء.
فيما اختارت إدارة الروضة تنظيم رحلة علمية لأطفالها في حقول سهل البقيعة، وتعرف الصغار على المحاصيل، وطريقة حصادها، وفوائدها، واستمعوا إلى شرح مبسط من المزارع عبد الناصر عبد الرازق عن كيفية زراعة وقطف البطيخ والشمام والجزر والبصل والبطاطا، فيما فتحت معهم المعلمة ندى دراغمة حوارًا، حول فوائد المزروعات، وتقسيماتها، وما يؤكل من أوراقها أو ثمارها، وضرورة المحافظة على الأرض والمياه.
وتجول الأطفال في حقول القمح، وتعرفوا لأهميته فيفي الغذاء، ومراحل زراعته وتجهيزه حتى يصير خبزاً يصل إلى موائدهم.
وأكد المعلمة دراغمة، أن التعليم من خلال المشاهدة والحوار والطبيعة، يترك الأثر الإيجابي في الصغار، الذين تفاعلوا مع الرحلة، واكتسبوا مهارات عديدة حول البيئة والزراعة والغذاء الصحي، وهي الأهداف التي تسعى الروضة الخضراء لتحقيقها.
بدوره، قال منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف، إن الروضة الصديقة للبيئة سعت أيضا إلى تعليم الأطفال فنون التعبير عن الذات ومهاراته، وترجمة ما يشاهدونه إلى نصوص وعبارات ولوحات، وتشجيعهم على بناء الثقة بأنفسهم، ما سيساعدهم مستقبلًا في مهارات التواصل ليس مع البيئة فحسب، وإنما مع كل الأشياء من حولهم.