الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:25 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:24 PM
العشاء 8:47 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

ليلة في المعتقل

 

القدس المحتلة- رايــة:

فداء رويضي-

الثانية ظهرا .. الثالثة .. الرابعة والنصف .. الوقت يمر ودقات الساعة تتعالى في أذن أم صلاح الأيوبي، وألف سؤال وسؤال يمر ببالها، صلاح يتأخر أحيانا بالمدرسة، وكل مرة تقول سأوبخه وسأضربه حين يأتي، لكنها لم تقل ذلك في هذا اليوم، بقيت صامتة  منتظرة، بعد لحظات اخترق صوت طرقات الباب الصمت، وعلى صوتها: "سأفتح لك الباب يا صلاح، لكنك ستعدني أنك لن تكررها"، وفتحت الباب لتجد صديقه يقول لها: "صلاح أخذوه الجيش يا خالتي"، فقالت له: "ان كان يلعب في بيتكم، وخائف من أن يأتي فقل له لن أوبخه دعه يأتي".

في هذه الأثناء كان صلاح "12 عاما" مع رامي ربيع "12 عاما" وضياء عبيد "9 سنوات" في الجيب العسكري في طريقهم الى شرطة "شارع صلاح الدين" وكانت شرطة الاحتلال تطلق عليهم سيلا من الشتائم والكلام البذيء بالعربية والعبرية، يقول صلاح:"لأن اسمي صلاح الدين وعائلتي الأيوبي كإسم صلاح الدين الأيوبي كان الجنود في الجيب العسكري يتبادلون الضحكات بصوت عال ويقولون لي "صلاخ الدين يا خنزير" لكني بقيت صامت، ولم التفت اليهم".

وسط القدس المحتلة وتحديدا في شارع صلاح الدين يوجد بجانب البريد مركز تحقيق، انتظرت أم صلاح على بابه ثلاث ساعات حتى سمحوا لها بالدخول، ووالده كان معه في غرفة التحقيق، يقول صلاح: "المحقق اتهمني بإلقاء الحجارة والمولوتوف في شارع معالي أدوميم على سيارة مستوطنة وعندها لم تستطع السيطرة على سيارتها فأنزلقت نحو الجدار، فأجبته أن هذا كذبا وأنا لم أفعل ذلك، فعلى صوته قائلا: أنت تلقي الحجارة، قلت: لا، فعلى صوته أكثر: رامي اعترف عليك وقال ذلك، قلت له انني لا أنزل الى هذا الشارع أبدا، سألني أسئلة كثيرة وأنهى التحقيق قائلا لي: انت تنتمي الى تنظيم وأنت ارهابي".

أطفأ المحقق الكاميرات في الغرفة وقال لوالده:" لقد حققت مع الكثير من الأطفال، لكني لم أرى أحدا كابنك، ثقته بنفسه كبيرة ويتظاهر طوال الوقت بعدم الخوف، يبدو أنك علمته جيدا ماذا يقول، فرد والده: كيف لي أن اعلمه وانتم لم تسمحوا لي برؤيته؟؟!!".

بعد انتهاء التحقيق كان أهل صلاح بانتظار خروجه ليعودوا سويا الى البيت، لكنهم تفاجئوا أن أفراد الأمن يحضرون أوراقا لتمديد اعتقاله، تقول أم صلاح: "عندما رأيت ذلك صرخت بهم" هذا طفل ماذا فعل لكم حتى تمددوا اعتقاله؟؟"، ولم أستطع الوقوف حينها، جلست على الأرض وبدأت بالبكاء، حتى رأيتهم يقتادون ابني الى أسفل، ركضت نحوه، فدفعتني المجندة، وحاولت رش غاز الفلفل في وجهي، قلت لابني من بعيد: لا تبكي يا صلاح، لا أريد أن أرى دموعك، أنت قوي ولم تفعل شيئا".

انطلق الجيب العسكري الى المسكوبية في القدس الغربية، وبعد ربع ساعة لحقه أهل صلاح مع المحامي، وفي ساحة المسكوبية كان المشهد من نوع أخر، تقول أم صلاح: "وصلنا قبلهم مع أنهم انطلقوا قبلنا، فكي لا يصلوا باكرا جابوا الشوارع ليكون صلاح في جعبتهم وقتا أطول، انتظرناهم طويلا وعندما جاؤوا خرجنا من السيارة نحوهم، لكننا تفاجأنا بتحرك السيارة" وبذلك باتت سيارة الشرطة الاحتلالية تجوب في ساحة المسكوبية مسرعة وخلفها يركض أهل صلاح مع المحامي، وبقوا هكذا حتى توقفت.

وصل صلاح سجن المسكوبية، وبقي ساعتين ينتظر في غرفة كان المكيف فيها أبرد ما يكون، مقيد اليدين والقدمين، ثم اقتادوه الى السجن، يقول صلاح: "كل ما أردنا أن ننام يقوموا بالطرق على الباب بصوت عال وبدقات سريعة، بعد ذلك أطفئت الشرطة كل الأضواء، ثم أخرجونا من المكان كنت خائفا، وفي هذه اللحظة ظننت أنهم سيضربونني ويعذبوني، وفجاة قالوا لنا عودوا الى أماكنكم كنا نمزح معكم، والأكل كان عبارة عن خبز متعفن ورز ناشف مطهي منذ أيام كثيرة وسلطة غير صالحة للأكل، كل شيء كان متعفنا، لكني من الجوع قمت باقتسام بعضا من الخبز وأكله، لم يكن الأكل وحده وسخا بل كانت الأغطية والمخدات كذلك تنبعث منها رائحة كريهة، فلم استطع النوم".

ليس وحده صلاح من لم يستطع النوم هذه الليلة، فأمه كذلك بعد ساعات من الانتظار دون فائدة أمام سجن المسكوبية، ذهبت الى البيت للاطمئنان على خوات الصلاح الأصغر، دخلت الى غرفتهم، فوجدت أخته قد حضرت له ملابسا ع تخته، ظنا منها أنه سيأتي بعد التحقيق ويستحم، تقول أم صلاح: "عندما رأيت منظر الملابس وما فكرت به أخته انهرت وخرجت من الغرفة باكية وانتظرت هكذا حتى الصباح".

في المحكمة، دخل صلاح فاستغرب القاضي الاحتلالي من سنه الصغير، تحدث محامي صلاح وكذلك الضابط سرد عدة أكاذيب وكان قد قرر أن يمدد اعتقاله ليومين أخرين، لكن القاضي قال له أن يحقق معه حتى الثامنة مساءا ثم يطلق سراحه بكفالة مالية قيمتها 2000 شيكل، وحبس منزلي لأربعة أيام".

الثامنة مساءا .. التاسعة .. العاشرة والنصف، عادت دقات الساعة تتعالى أمام باب سجن المسكوبية، فقد أخرت شرطة الاحتلال خروج صلاح ساعتين ونصف، وعندما خطى خطواته بقدميه الصغيرتين من السجن الذي يكبره بكثير، حضن أمه وقبلها وكأن سنين قد مرت على أخر مرة رأته فيها.

بعد هذه التجربة المريرة تغير صلاح كثيرا، لم يعد يأكل كما كان سابقا، تقول أمه: "استيقظ في نصف الليل فأجده جالسا لوحده في الظلام يفكر، لم يعد يخرج من البيت ولا يلعب كالسابق، كأنه شخص أخر يكبر عمره بكثير أجده مثقلا بالهموم".

"عندما أكبر سأصبح محاميا لادافع عن الأطفال الذين يعتقلهم الاحتلال" هكذا قال صلاح، فهو الأن يدرس كثيرا حتى يحقق هذا الحلم الذي لم يكن موجودا قبل الاعتقال، وبذلك يكون تمديد اعتقال صلاح سابقة قانونية ضد اعتقال الأطفال، فهو أول من مدد اعتقاله فور بلوغه 12 عاما، فالبند 3 ب " 1 " من مرسوم شرطة الاحتلال ينص على أنه " يجب التعامل مع قاصر دون سن المسؤولية الجنائية كشاهد ولا يجري اعتقاله ، ولا يفتح له ملف جنائي " ولكن وكعادة الاحتلال اخترق هذا البند.

 

Loading...