صور.. الطفولة المحرومة في غزة

غزة- رايــة:
سامح أبو دية-
داخل مساحة لا تُقدر بـ30 مترا تعيش عائلة المواطن وائل اسماعيل مقداد والمكونة من 8 أفراد، وتحت سقف غرفة الأسرة الوحيدة وفي ظروف مأساوية بل أشبه بالكارثية ينتظر الأطفال انتهاء فصل الشتاء والبرودة الشديدة بفارغ الصبر لما تسبب لهم من أمراض عدة.
الأكثر خطورة هو اضطرار أطفال تلك العائلة الى اللجوء للعمل بمبالغ زهيدة جدا لتوفير لقمة عيش مغمسة بعرق الأطفال على أمل توفير أدنى متطلبات الحياة، والتي عجز الأب عن توفيرها في ظل ندرة فرص العمل وتفشي البطالة وظروف القطاع الاقتصادية المتدهورة.
نضال وحسن مقداد طفلان أكبرهم لم يتجاوز 13 عاما، على عربات بدائية صغيرة يقضون يومهم في العمل بسوق بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يقول حسن: "فور عودتي من المدرسة أبدأ العمل في نقل مشتريات الزبائن من السوق الى منازلهم أملا في مساعدة عائلتي على العيش".
الحصول على المستلزمات المدرسية والتعليمية كانت سببا في توجه "حسن" للعمل الشاق حتى لا يفقد حقه في التعليم وتحطم أحلامه بأن يصبح "مهندس" كما يرسم لنفسه مستقبلا.
اما فترات الاجازة المختلفة وعلى عكس باقي الأطفال؛ فلا يتمنى "نضال" أن تأتي تلك الفترة مطلقا؛ فهي تكون اجازة من التعليم فقط ومليئة بالعمل والتعب والارهاق.
ويضيف الطفل نضال: "شواكل قليلة احصل عليها مقابل عملي لساعات أٌعطي جزء منها لإخوتي الصغار لكي أُدخل الفرحة والبهجة عليهم، ويجمع والدي الباقي مع عمله وعمل شقيقي لكي نستر بها عائلتي".
مجموع ما يتمكن هؤلاء الأطفال من جنيه طيلة ساعات من العمل والجهد لا يتجاوز 5 – 7 شواكل لكل منهما، وهو مبلغ يحصل عليه بعض أقرانه من الأطفال تحت بند (المصروف اليومي)، كما وصف الطفل حسن.
الأب وائل مقداد 35 عاما يقول: "طوال 10 أعوام سابقة أبحث عن فرصة عمل توفر على أبنائي مشقة العمل دون جدوى، 8 أفراد تنام في غرفة واحدة متهالكة وتضم المطبخ والحمام، السقف يُسرب مياه الأمطار، لا أحد يستطيع العيش لمدة ساعة واحدة داخل المنزل".
وعن عمل أبنائه يوضح: "شو اللي رماك على المر غير الأمر منه؟، لا أريد أن يفقد أطفالي فرصتهم في التعليم وهم من المتفوقين، جميع الأطفال لديهم طموح وأحلام، فليس أمامي خيار سوى قبول فكرة عملهم، حتى لا يضيع مستقبلهم".
اما موقف الأم، فتقول بيأس: "لا أقبل فكرة حرمان الأبناء من حقهم في التعليم، ولكن كم من الوقت نستطيع تدبر أمر إبقاء الأولاد في المدرسة؛ وربما يخرجان منها حتى يستطيعا العمل بدوام كامل".
فيما اعتبرت أن خيار العمل بالنسبة لأبنائها هو خيارهما الوحيد، متسائلة ما الذي يمكن أن تفعله بضعة شواكل في نهاية المطاف؟، غدا سيكبر الأطفال وستزداد متطلباتهم ومصروفاتهم في تعليمهم ومعيشتهم، وسنكون بحاجة لمنزل أكبر، تقول الام.
وتضيف: "إننا نتوق فقط إلى حياة طبيعية كأي أطفال عاديين، نتطلع الى توفير حقوق الأطفال التي تحولت الى أماني وطموحات".
ودعا الأطفال والوالدين الجهات المعنية للنظر اليهم على أمل حصول والدهم على فرصة عمل مناسبة تٌنقذ مستقبل وأحلام هؤلاء الأطفال المتفوقين.