ألف عام على "حمام السمرة التاريخي" الوحيد في غزة

غزة- رايــة: 

سامح أبو دية-

"حمام السمرة التاريخي" هو الحمام التراثي الوحيد في قطاع غزة، يقصده المواطنون لأغراض الاستجمام والعلاج والراحة من هموم الحياة اليومية في تقليد ورثه الأبناء عن الآباء والأجداد، ويعد أحد أهم المعالم الأثرية في فلسطين، يقع بحي الزيتون في البلدة القديمة بمدينة غزة، ويعتبر أحد النماذج الرائعة للحمامات العثمانية في البلاد وهو الوحيد الباقي حتى الآن.

ألف عام وأكثر

تعود ملكية الحمام لعائلة الوزير العريقة بغزة، ويعود تاريخ بناؤه الى أكثر من ألف عام، وتم تجديده خلال أوائل العهد المملوكي على يد "سنجر بن عبد الله المؤيدي" عام 685 هجري، وسمي بـ "حمام السمرة" نسبة الى مجموعة (طائفة اليهود السامريين) الذين عملوا به مدة من الزمن ويقال انهم تملكوه بعد مدة فسمي حمام السمرة على اسمهم.

تتجسد روعة التخطيط والبناء المعماري المتكامل في هذا الحمام الذي يبلغ مساحته 500 م، حيث الانتقال التدريجي من الغرفة الساخنة إلى الغرفة الدافئة إلى الغرفة الباردة والتي سقفت بقبة ذات فتحات مستديرة معشقة بالزجاج الملون يسمح لأشعة الشمس من النفاذ لإضاءة القاعة بضوء طبيعي يضفي على المكان رونقاً وجمالاً، هذا بالإضافة إلى الأرضية الجميلة التي رصفت بمداور رخامية ومربعات ومثلثات ذات ألوان متنوعة.

أقسام الحمام

درجة الحرارة تصل داخل الحمام الى 55 درجة مئوية، ويوضح سليم الوزير مدير الحمام، أن حمام السمرة يضم 4 أقسام وهي "المستوقد" المكان الذي توقد فيه النار لتسخين الحمام، والقسم "البراني" وهو القسم الخارجي المُستخدم بعد الانتهاء من الحمام ودرجة حرارته قريبة من الشارع حيث يجب أن يتنقل الشخص تدريجيا، والقسم "الوسطاني" لتغيير الملابس والاستعداد للحمام.

والقسم الرابع هو "الحمام" ودرجة حرارته الى الأعلى ويتسع الى عشرات الأشخاص ويحتوي على المغاطس والأرضية الساخنة وبرك المياه الساخنة، والتي تُساعد في علاج العديد من الأمراض.

فوائد جمة

وقال الوزير لمراسل "رايــة"، أن فوائد الحمام تشمل جميع أعضاء، وأهمها تنشيط الدورة الدموية ثم فروة الرأس مروراً بالقصبة الهوائية والعظام والعضلات والأعصاب والشرايين، كما أنه يساعد على الانجاب عند الرجال والسيدات لمن يعانون من العقم أو الضعف الجنسي، كما أنه يزيل الرطوبة من الجسد ويقوي المناعة، وأصبح يوصي به عدد من الأطباء.

الحمام يعمل لـ 3 فترات في اليوم، الصباحية والمسائية للرجال وفترة الظهيرة للنساء، ويتم ترميمه باستمرار على أيدي مهندسين متخصصين وهو ما يُحافظ على قوة ومتانة المبنى، كما أنه أصبح يُدَرّس في المناهج الدراسية الفلسطينية كأحد المعالم الأثرية الهامة في القطاع.

مسلسل "باب الحارة"

وعن الزوّار، يُشير الوزير (65 عاما)، الى أن الحمام يستقطب المواطنين من كافة محافظات قطاع غزة وأكثر الزائرين هم من محافظة رفح رغم بُعدها عن مدينة غزة، اضافة للسياح والأجانب، موضحا أن الاقبال يزيد في فصل الشتاء وفترة الاجازات فيما يتم اغلاقه طيلة شهر رمضان.

ولم يخفِ مدير الحمام أن مسلسل باب الحارة السوري ساهم بزيادة أعداد زوّار الحمام، بعد أن عكست الأجواء الحقيقية للحمام التراثي، فضلا عن وعي وثقافة الناس بأهمية المنشآت التراثية، التي زادت أعداد الشباب والفتيات.

مُخدر وتعديل للمزاج

جهاد الشاعر 49 عاما، يزور حمام السمرة مرة كل اسبوع على مدار 18 عاما، لما يُعطيه له من صحة ونشاط وحيوية كبيرة، معتبرا أن الحمام يُسهل كل شيء أمامه في دنياه.

ويقول الشاعر لـ "رايــة": "ساعتان من المتعة داخل الحمام تجعلني أنسى كل شيء في الخارج من هموم ومشقات الحياة، أعتبرها ساعتين من المُخدر، أحس أنني وُلدت من جديد، كما أن وجودي في هذا المكان الأثري يُعطيني راحة نفسية و (يُعدل مزاجي)".

ولفت الشاعر الى أن روعة حمام السمرة تُعطيي الزائر الاحساس بالماضي وتذكر الحضارات وأهمية ومكانة فلسطين تاريخيا، معبرا عن ثقته في قوة هذا المكان في الحاضر والمستقبل.

ويزور المريض نبيل "50 عاما" حمام السمرة 3 مرات اسبوعيا بغرض العلاج، ويقول: "اعاني من آلام في العظام وخاصة في الظهر، ونصحني الأطباء باستخدام الحمام بكثرة لأنه يخفف كثيرا من الآلام، ويجدد النشاط والحيوية".