ذوو الإعاقة من مستهلكين لمنتجين
الخليل-رايــة:
طه أبو حسين- كل ما في الوجود قابل للتغيير إن توفرت الارادة والمثابرة، غير أن هناك متغيرات تضع العقل في الكف كما يقال؛ كأن ترى أشخاصاً من ذوي الاعاقة العقلية يعملون جنباً الى جنب، بانتظام وتكاملية وسلاسة عبر خطوط انتاج سليمة وصحية، لينتجوا منتجات ليست أقل جودة من تلك التي ينتجها الأشخاص الأصحاء، وهذه الصورة تتلخص في مشغل صناعة الشموع بمركر الرجاء للتربية الخاصة التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في الخليل.
في مشغل الشموع بمركز الرجاء هناك خمسة طلاب من ذوي الاعاقة العقلية المتوسطة والبسيطة يعملون في مساحة تتسع لتفريغ طاقاتهم وحبهم بالشمع منذ عام 2003.
القصة بدأت مع ردينة الجعبة المشرفة على ذوي الاعاقة في مشغل الشموع حينما توجهت لإيطاليا وتلقت دورة لورش محمية للطلبة من ذوي الاعاقة وكان من بينها تصنيع الشموع، وتدريبها كان مدعوما من احدى المؤسسات حتى عام 2005 ثم تعهدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بتوفير كافة الاحتياجات من مواد خام وقوالب وصبغات وعطور وغيرها لاستمرار عمل الورشة.
تقول الجعبة :"عندي ثمانية طلاب من ذوي الاعاقة يعملون بفروق فردية، فهناك 3 منهم يعملون ما أعمل بالضبط باستثناء الكوي لا أعطيه لأي طالب بحكم خطورته، وهناك طلبة مختصين بالحمام المائي، وآخرين بنظافة الورشة، وبعضهم التقطيع، وكل طالب حسب قدراته، وكل طالب يأخذ راتب شهري رمزي مقابل عمله".
"نحن لا نقبل كل الطلبة، فهناك قرابة 100 طالب، بعضهم عدوانيين ، وهذا العمل تستعمل فيه السكاكين، بالتالي لا نستقبل إلا الهادئين والذين بإمكاننا السيطرة عليهم، علما أن تأهيل الطلبة يعتمد على الشراكة مع الأهالي إن كانوا مهتمين بتنمية قدراتهم" قالت الجعبة.
فادي أحد الأشخاص العاملين في صناعة الشموع، وهو من ذوي الاعاقة إلا أنه نشيط ومميز في عمله، يعمل منذ عام 2005 في مشغل المركز. يقول فادي :" أعمل بالشمع، أستخدم ركوة القهوة وأصب الشمع في القالب بعد تعرضه للحرارة المطلوبة".
تمر مرحلة صناعة الشمع بعدة مراحل تبدأ بتسييح الشمع ثم تجهيز القوالب، تليها مرحلة وضع الملتينة والمسلة حتى يجهز القالب للصب، ثم توضع الصبغات وبعدها الصب، وبعد أربع ساعات يستخرج الشمع من القالب، ثم تنقل لمرحلة الكوي، وجميع هذه المراحل يقوم بها الطلبة ذوي الاعاقة باستثناء مرحلة الكوي كونها تشكل خطورة.
في الزاوية الأخرى من مركز الرجاء هناك أشخاصا من ذوي الاعاقة يعملون في بيت بلاستيكي، يزرعون ويروون النباتات وينظفون حولها وما الى ذلك في سبيل انجاح مشروعهم.
عاملة التأهيل في مركز الرجاءسلطان الجوابرة قالت "عندي حوالي 5 طلاب يعملون في المشتل، يساعدون عامل المشتل بتعبئة التراب في الأوعية الزراعية، وأيضا ري النباتات، ويعملون على تحميل النباتات للبيع، فالطلبة يحبون العمل بالمهن أكثر مما نقدمه داخل الصفوف التدريسية".
وبينت جوابرة "اعاقتهم بسيطة، أما الامكانيات فهي متفاوتة، بعضهم يحتاج لمساعدة كبيرة وآخرين يعتمدون على أنفسهم، ونحن نعمل على تدريبهم، فقدراتهم متواضعة جدا".
بدوره قال محمد علي أحد الأشخاص العاملين في المشتل من ذوي الاعاقة "نعمل بالمشتل، ننقل النباتات من مكان لآخر، نزرع الأزهار أيضا، وأنا أحب هذا العمل كثيراً، كل يوم أقوم بالزراعة، ولما أذهب للبيت أزرع في حديقتنا، فأنا أخذت أزهار وأشتال من المشتل وزرعتهم في حديقة بيتنا".
يتلقى مركز الرجاء الدعم من عدة مؤسسات كبلدية الخليل والتربية والتعليم والصليب الأحمر الدولي وغيرها من المؤسسات خاصة لورشة الشموع.












