الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

في حديث انهيار السلطة

الكاتب: صادق الشافعي

يتصاعد الحديث في الأشهر الأخيرة عن خطر انهيار السلطة الفلسطينية. والمقصود والمعني هنا، هو الحكم الفلسطيني. أي السلطة الوطنية الفلسطينية بحكومتها وكل أجهزتها. أما المظهر الطاغي على الحديث فهو الأزمة المالية الخانقة. مثل هذا الحديث حصل قبل الآن، لكنه يبدو هذه المرة اكثر جدية بسبب اكثر من عامل:  

أولها، حالة الحصار السياسي والمالي المتصاعد الذي تفرضه أميركا بالتعاون والتناغم التامين مع دولة الاحتلال. حتى ان الأزمة المالية في جوهر وأساس تشكلها هي التجلي الأكثر وضوحا وفظاظة لحالة الحصار المذكورة. ثم يأتي بعد ذلك اكثر من عامل مساعد مباشر او غير مباشر.

منها، الوضع الدولي المفتقد، بشكل كلي تقريبا، لأي دور فعلي ومؤثر في كل ما يتعلق بالموضوع الوطني الفلسطيني، والقابل بحال الاستفراد الأميركي في التعاطي معه وعن ضربه عرض الحائط بكل مواقف وقرارات المجتمع الدولي

.ومنها، حال الضعف الذي يعيشه النظام العربي بشكل عام ولأسباب مختلفة ومتنوعة.

هذا الضعف هو ما يحد كثيرا من إمكانية تشكيل داعم قوي للنضال الوطني الفلسطيني وقيادته. وحتى في موضوع الأزمة المالية الحالية، التي يقع حلها ضمن حدود إمكاناته المباشرة. (وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير قرروا مساعدة السلطة بمئة مليون دولار شهريا. حتى الآن ما نشر عن تنفيذ هذا القرار هو فقط دفع قطر 480 مليون دولار: منها 180 مليون هي المعونة الشهرية التي تقدمها مباشرة لغزة وعن طريق "حماس"، وليس عن طريق السلطة او ارتياحها، و250 مليون كقرض للسلطة واجب التسديد، ويبقى فقط 50 مليون منحة للسلطة). ومنها بالطبع، العامل الداخلي الفلسطيني المتمثل أساسا بالانقسام بكل بلاويه التي تتعمق في كل يوم وتزيد انتشارا.

السلطة الوطنية تبقى في كل الأحوال مكسبا وطنيا فرض وجوده على ارض الواقع الفلسطيني كحقيقة لا تقبل الجدل دخلت في عمق الشخصية الوطنية الفلسطينية. وتستمد السلطة شرعيتها بكونها منتجا لمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده. هذا المنتج والمكسب الوطني يجب ألا يكون حوله، لجهة المبدأ والوطنية الحقة أي خلاف، ولا ان يكون هناك أي تردد في التمسك به، او تهاون وتقاعس في الدفاع عن وجوده. لا يقلل من هذا الوجوب أي انتقاد للسلطة او خلاف معها من أي جهة وطنية فلسطينية، ولا أي سلبيات ونقد لأدائها وأداء أي من مؤسساتها وأجهزتها. ولا تقلل منه مقاطعة هذا الطرف الفلسطيني او ذاك المشاركة في كل او بعض أجهزتها او مؤسساتها، بشكل ظرفي او دائم. 

عديد من الأطراف الدولية والمحلية تبدي حرصها على استمرار السلطة الوطنية الفلسطينية وضرورة استمرار دورها ومسؤوليتها.

من هذه الأطراف، الاتحاد الأوروبي مثلا. لكن دون ان يرتبط حرصه بأي موقف او إجراء عملي من أي نوع يدعم بقاءها واستمرارها.  

 ومنها الكثير من دول وقوى المجتمع الإسلامي والدولي. ومنها بالطبع النظام العربي بكل دوله وقواه وشعوبه، بغض النظر عن أي ملاحظة عن إمكانية الدول العربية ان تقرن هذا الحرص بدعم سياسي ومادي أعلى فاعلية مما هو حاصل.

واللافت، ان منها أيضا أصواتا من اكثر من جهة في دولة الاحتلال ذاتها، وفي المقدمة والخصوص منها أجهزتها الأمنية والعسكرية. وهي تعلن عن هذا جهارا، وتؤكد ضرورة استمرار وجود السلطة الفلسطينية ومسؤوليتها ودورها.

ليس دافعها الى ذلك كرم الأخلاق، ولكن رؤيتها لمخاطر انهيار السلطة على دولة الاحتلال ومجتمعها. وفي مقدمة المخاطر:

- حالة فوضى عارمة يصعب السيطرة عليها ستسود المشهد كله، بالذات في الضفة الغربية. وهو ما يفتح المجال أمام احتمال قيام انتفاضة شعبية ثالثة بكل ما تحمله من خسائر وصعوبات وإرباكات لدولة الاحتلال على كل المستويات وعلى صورتها ووضعها في المجتمع الدولي، وعلى المستوطنات، وعلى مشاريعها تجاه الأراضي المحتلة.

- تشجيع انتشار التطرف الديني وأحزابه السياسية للسيطرة ربما على الناس ومسار حركتها.

- ناهيك عن اضطرار دولة الاحتلال للعودة الى تحمل مسؤولية الإدارة المباشرة بالضفة لكافة الأمور بكل مسؤولياتها وتبعاتها، وبكل نفقاتها أيضا.

لكن هذه الأطراف لم تنجح، ولم تسع جادة أصلا، لدى مؤسسات دولة الاحتلال لإقناعها برفع القيود عن السلطة، ووقف الاقتطاع من أموالها التي تحت سيطرتها للتخفيف من العوامل المهددة بانهيارها.

وفي كل الأحوال، يبقى فعل هذه الأطراف وأصواتها كالصراخ في البرية في مواجهة الطوفان الطاغي لقوى اليمين واليمين المتطرف والفاشي على دولة الاحتلال ومجتمعها وقواها السياسية والمجتمعية وأجهزة الحكم فيها.

في مقابل ذلك، هناك مراهنات ما تزال ضعيفة ومحدودة وصعبة التحقق، على إمكانية العثور على رموز محلية يمكن ان تتعاون في تشكيل بديل للسلطة في حال انهيارها، تقبل بتأسيس إدارات محلية مستقلة عن بعضها معتمدة تماما على دولة الاحتلال، وعلى الدعم الخارجي على شكل أموال كثيرة وتسهيلات واسعة.

في مواجهة هذا الحال بكل تعقيداته ومخاطره ومصاعبه، لا خيار يتقدم على خيار رص صفوف الكل الوطني بكل تشكيلاته السياسية والمجتمعية، ولا بديل عن استنفار كل مخزون الوطنية والتكاتف والإبداع لدى الناس أهل الوطن في جميع أماكن تواجدهم. وهذه بقدر ما ان تكون أولوية للسلطة الوطنية وأجهزتها فإنها تتطلب المبادرة والإيجابية والانفتاح من الكل الوطني.    

بالتأكيد فإن أهل الوطن سيفاجؤون الكل بتجاوبهم وإيجابيتهم ومبادراتهم، فهم لم يخذلوا الوطن وقضيته الوطنية يوما، ولن يخذلوه أبدا.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...