الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:38 AM
الظهر 12:38 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:17 PM
العشاء 8:37 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الخنزيرُ البري..سلاح إسرائيل الموجه نحو المزارعين

خنازير برية
خنازير برية

بقلم: سعد داغر.

زرعنا القمح والشعير والحمص، زرعنا الفقوس والبامية والكوسا والبندورة، كانت كروم العنب والتين واللوز والمشمش، فبقيت الزيتونة مهملة وذهبت البقية. توقف الفلاحون عن زراعة الأرض وهجروها عجزاً عن حمايتها منه، ولأسباب أخرى، لكنه كان من أهم الأسباب لترك الزراعة وإهمال الكثير من الفلاحين والمزارعين للحقول. وهكذا هم نجحوا، فالأرض البور يستولون عليها بقوانين عثمانية، أو قوانين الإستعمار البريطاني، وإن لم ينجحوا باستخدام تلك القوانين يُصدرون قانوناً أو أمراً عسكرياً صهيونياً عنصرياً، فنخسر الأرض.

إننا نواجه أخبث منظومة إستعمارية عرفها التاريخ البشري، المنظومة الأشد خبثاً وذكاءً، وتعرف كيف تتعامل مع خبايا نفوسنا البسيطة لتقتنص منا ما تريد، منظومة تدرس علوم النفس البشرية وعلوم برمجة البشر، تتسلح بأعتى عتاة العارفين بالقانون، منظومة درست كيف تُفسد العقول وكيف تكسب القلوب فنجحت في الكثير، استعمار عرف كيف يدفع بمن يخدمونه من بعضٍ من بني يعرب فلسطين نحو المقدمة، نواجهها كناس بسطاء لم ندرس علوم النفس البشرية ولم نتسلح بفنون المواجهة والانتصار، بدليل أننا لم نحقق هذا الانتصار منذ عام ١٩١٧، فالإنتصار هو تحقيق الهدف، والهدف هنا ليس أقل من فلسطين حرّة من الاستعمار، لم نتسلح بعلوم وعي الذات لنقدر على وعي "وعي" الآخر، لنواجه وعي العدو المستعمر بوعي فردي وجمعيٍ أعلى لننتصر عليه، كونه مستعمرٌ لأرضنا مهما تكن روايتهم، حتى وإن استخدموا كل الكتب السماوية لدعم تلك الرواية، فنحن الكنعانيون هنا بالضبط؛ قبل كل الأديان.

لكن، أفعالنا لا تغدو عن كونها ردّات فعلٍ عاطفية نقدح خلالها كالشرر ونصرخ: إغضبوا، فيغضب البعض ثم نخبو، نواجهها بلا نصير أو مساعد، فبعض أمرنا يمسك به بعضُ من تلتقي كثيراً مصالحه ببقاء المستعمر على هذه الأرض، والزوار المدمنين الظهور على الفضائيات في مسرحية عواء لشجبٍ هنا واستنكار هناك ولربّما عواء إدانة، هؤلاء منشغلون في اختيار مكان عشاء الليلة أو الليلة القادمة، وخلفهم من يصفق، فربما يطوله من بقايا الكأس شفة، أو يملأ كرشاً ببقايا عظم صحنِ أحدهم.

لكنه الخنزير البري، جاء دخيلاً على البيئة الفلسطينية، لم يكن في التاريخ الحديث موجوداً في أرضنا، فجدي قارب المائة عام من العمر قبل وفاته ووالدي عاش لأكثر من سبعة عقود وأنا قضيت من العمر خمسة عقود، لم نرَ يوماً له أثراً في حقل، لم يدخل في حديث الناس، غير بما يوصف به في الجوامع من تحريمٍ للحمه وتقبيحٍ لشكله.

كنا نتمنى ونحن صغار أن نزور قرية عين قينيا في رام الله لزيارة مزرعة خنازير داجنة، كنا نسمع بوجودها هناك لنرى ونتعرف على شكل الخنزير. فإن قال البعض أن له رسوم من التاريخ على صخور، ليقول أن الخنزير جزء أصيل من بيئتنا فهذا كلام تدحضه الحقائق التي عاشها الأجداد والآباء وجيلنا، نحن الفلاحون أبناء الأرض وحُراثها ورعاة أغنامها، الذين لم نرَ له أثر ولم تتضرر يوماً حقول القمح منه، ولم نجد الأرض محروثة بأنيابه حول أشجار الزيتون المسمدة بأسمدة طبيعية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...