الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:05 AM
الظهر 12:36 PM
العصر 4:16 PM
المغرب 7:38 PM
العشاء 9:05 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

اجتماعات الحافلة والخَمَج!

الكاتب: بكر أبوبكر

مللتُ الاجتماعات التي لا قيمة لها بمعنى أنها مكرورة، طويلة، وبلا جدول أعمال ولا أسس، ولا جديد، ولا وقت محدد. وما يعني بذات الوقت أنها بلا أية أهمية أو ثِمار مرجوة منها، حتى يصبح التكرار النمطي هو السائد، والجديد والمفيد هو الغريب المريب!
هو دومًا متحفزٌ لقيادة الحافِلة (الباص) أو عربة الاجتماع أو الجلسَة أو(القَعْدِة) بمن حضر، يشير لهذا بالكلام، وذاك بالسكوت... ليلخّص ما يدور بكلمات لا صلة لها البتّة بما قاله المجتمعون، ولربما يتحدث خاتمًا بما ليس له صِلَة بالاجتماع، وبتكرار لا مثيل له لكلمة أثيرة لديه هي "دعونا نتحدث بصراحة!"
إنها العبارة التي أصبحت أو شكّلت لديه لازمة من لوازم حديثه، حيث لا قيمة للذي يُقال أمامه على قِلّة فائدته لديه لأنه حينما يقول: "دعونا نتحدث بصراحة" يقوم عمليًا بشطب كل ما قيل! ويبدأ بذات عنوانه المكرور بكل اجتماع أي دعونا نتحدث بكل صراحة فنحن لم نعالج الجرح! والنتيجة أنه لا يقول شيئًا! "كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا-البقرة 264".  
هو ليس بفقيه ولا فهيم ولا منتبه لما يقول، لكنه يشتاق دومًا لأن يكون مترئّسًا الطاولة أحَضَر فيها 15 شخصًا أم 4 سيّان، فرئاسة الاجتماع مقدّسة ولو تُرك الأمر له لجعل الاجتماعات يومية! فالقيمة هي بالانعقاد بحدّ ذاته، كما هو الحال بسائق الحافلة حيث القيمة لديه أن يسوق الحافلة ذهابًا وإيابًا، بلا توقف فالتوقف يعني الفقر بينما الاستمرار يعني الرزق!
تجد مثل هذه الاجتماعات المملّة والمكرورة بأنماط مختلفة لدى بعض المؤسسات المدنية أوالحكومية، وغير الحكومية، ولدى النقابات أو الاحزاب أو الفصائل السياسية، وقد يباغتك البعض منهم بوضع أكثر قتامة من الحالة التي نعرضها.
دخلتُ عليه وهو الذي يترأس الاجتماعات دوماً، وذلك حتى في غير وقت الاجتماعات! –وللعلم كل (قعدة) لديه بآليات اجتماع- وكان متحفّزًا للحضور، ويتحدث وكأنه باجتماع! وهو قائده الأشوس!
جلستُ قليلًا وسلمتُ على الحضور ضمن (القعدة أو الجَمْعَة) الأخوية وقلت ما تيّسر وسلّمت عليهم وهممتُ بالخروج، فتململ صاحبنا مدير الجلسة (أو سائق الحافلة) راغبًا بالابقاء عليّ داخل حافلته التي يسوقها!
قلت: لستم تقطفون الزيتون لأشارك معكم، ولستم تُعَبّئون الجُعَب للمعركة، وبالتأكيد لا تخططون للمرحلة القادمة، والمنفّذون ينتظرونكم عند الباب بفارغ الصبر؟! فلماذ الاصرار على حجزي بهذا اللقاء/القعدة يا سادة يا كرام!
سكت سائق الحافلة، بغير رضى، وابتسم الحضور وخرجتُ.
إن ما يتم تدويره داخل مثل هذا الاجتماع الموصوف ما هو بالحقيقة إلا معرفة ذاتية متقادمة جدًّا لكل فرد يتم تكرارها بكل اجتماع بلا كلل، أو هي معرفة منعكسة منكَ اليهم، أوهي معلومة أو معرفة مرتدة لذات ما قلته أنت، منهم إليك. 
إنها تتأرجح ككرة السلّة حين يتداول اللاعبون الكرة، فالفكرة (الكرة) هي كما هي، وأنت (أو ذاك) تتلقفها ثم تعيدها للآخر! ورغم أن كرة السلة بهذا الشكل ممتعة وقد تكون مجزية، الا أنها ليست كذلك من حيث هو اجتماع (عَلِك)لا حركة فيه ولا انتظار ثِمار.
إن ما يتم تداوله في مثل هذه الاجتماعات النمطية والكثيرة المملّة ما هو الا تكرار لأنك حتى من الحضور لا تجد من يمتلك فكرة جديدة مفيدة، إلا القلة بينما الغالبية تعيد رمي الكرة المنعكسة أوالمرتدة ذاتها المرة تلو المرة. وإن كنت أنت ممّن يمتلكون التجدد بالأفكار أو الأسلوب فلا محلّ لك هنا أصلًا!
ما بين المعرفة أو الفكرة الجامدة الخامدة (المخَمّجَة) وتلك الطازجة وليدة النشأة لا إمكانية للاقتران أو العِناق أو الصراع، فالواحدة تطردُ الأخرى فلا امكانية للصراع بمعنى الشدّ والجذب والحوار، ويظل الحوار بين معرفة منعكسة و(طابة/كرة) مرتدة.
نعود لمدير الاجتماع (أو سائق الحافلة) فهو يستمتع بفضيلة الترؤس فقط بمعنى أن يظل على رأس الطاولة بلا أي وعي لتقدم أو تراجع أو نقد، أو نمو أو لذّة أو أهمية أو حداثة الفكرة لأن مسعاهُ وهدفه الأسمى هو أن يقود الحافلة على ذات خطها المرسوم، وعليه فمن يصعد يصعد، ومن ينزل ينزل، ففي المحطة القادمة قد يدخل غيره، وهكذا الى ما لا نهاية.
 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...