برنامج "تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية" منصة لإطلاق مشاريع الشباب نحو التغيير الإيجابي في فلسطين

رام الله – شبكة راية الإعلامية

في مشهد ينبض بالحيوية والطموح، تحوّلت قاعات مركز التعليم المستمر في جامعة بيرزيت إلى مساحة ملهمة لاحتضان أفكار ومبادرات شبابية واعدة، ضمن فعاليات برنامج تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية في فلسطين، الذي يشرف عليه مركز التعليم المستمر بالجامعة، بهدف تمكين الشباب الفلسطيني من إطلاق مشاريع ريادية تحدث فرقًا حقيقيًا في مجتمعاتهم باستخدام أدوات رقمية مبتكرة.

البرنامج الذي استمر لعدة أشهر، أتاح للمشاركين ليس فقط تطوير أفكارهم، بل أيضًا عرضها أمام لجنة تحكيم من الخبراء والمستثمرين، ما وفّر فرصة حقيقية لتحويل هذه المبادرات إلى مشاريع ملموسة تنبض بالحياة.

من فكرة بيئية إلى مشروع ريادي قابل للتطبيق

تحدثت لـ"راية" مونا مراد، المهندسة البيئية وصاحبة مشروع بيئي مبتكر، عن تجربتها في البرنامج، مؤكدة أن المشاركة كانت نقطة تحول حقيقية في رحلتها المهنية.

وقالت مراد: "اشتركت في البرنامج لمدة ثلاثة أشهر، تلقيت خلالها تدريبات مكثفة من محاضرين ومرشدين في مجالات متعددة. تعلمنا كيف نؤسس شركة اجتماعية، ونبني نموذج أعمال وخطة مالية، وكان لكل مبادرة مرشد خاص لمساعدتها في التحضير للعرض النهائي أمام اللجنة".

مشروع مونا البيئي يُعيد إحياء مفهوم "سبيل الماء" ولكن بأسلوب ذكي وحديث. تقول: "بحكم عملي في مجال تنقية وتحلية المياه، ولاحظت نقصًا حادًا في المياه الصالحة للشرب في بعض مناطق الضفة، فكرت بتقديم حل مبتكر مستدام يعيد فكرة ماء السبيل للأماكن العامة لكن باستخدام تقنيات ذكية".

مونا أعربت عن أهمية هذه البرامج، قائلة: "شباب فلسطين يملكون أفكارًا كثيرة وطاقات هائلة، لكنهم بحاجة لهذا النوع من الدعم ليتمكنوا من دخول سوق العمل وتحقيق التغيير المنشود".

210 ساعات من التمكين والدعم المستمر

من جهتها، تحدثت آلاء أبو غوش، مديرة برامج وحدة التطوير المهني وبناء المؤسسات في مركز التعليم المستمر بجامعة بيرزيت، عن التصميم الشامل للبرنامج، مشيرة إلى أنه يمتد على مدار ستة أشهر ويتضمن رحلة تعليمية كاملة تشمل: تطوير المادة التدريبية، وتدريبات ميدانية وعملية بمجموع 210 ساعات، وإرشاد فردي لكل مشارك، ودعم ما بعد العرض لضمان استمرارية المشاريع.

أبو غوش أكدت أن البرنامج لا يهدف فقط إلى التعليم، بل إلى تحويل التحديات المجتمعية في فلسطين إلى فرص ريادية رقمية، عبر ربط المبادرات المجتمعية بالتكنولوجيا.

وقالت: "كان هناك تواصل حقيقي مع القطاع الخاص، حيث ساهمت الشركات في تقييم المشاريع وربطها بسوق العمل، مما عزز من فرص استدامتها".

وأضافت: "نحن نؤمن بقدرة شبابنا على المنافسة، سواء داخل فلسطين أو خارجها، والمشاريع التي نشرف عليها لديها كل المؤهلات لتكون قصص نجاح حقيقية إذا استمر الدعم والمتابعة".

رسالة إلى شباب فلسطين

اختتمت آلاء أبو غوش حديثها لـ"راية" برسالة موجهة لكل شاب فلسطيني لديه فكرة مشروع: "البداية دائمًا صعبة، لكن الاستمرار هو الأساس. لا تخشَ التحديات، فكل تجربة تحمل درسًا جديدًا. نحن هنا لدعمكم، ومراكزنا مفتوحة دائمًا لتقديم التدريب والتوجيه ومرافقة المشاريع نحو النجاح."

برنامج "تعزيز الريادة المجتمعية والرقمية" في جامعة بيرزيت ليس مجرد تدريب، بل خطوة استراتيجية نحو بناء مجتمع فلسطيني قادر على خلق فرصه بنفسه، متسلحًا بالعلم، والشغف، والابتكار.

ومع كل مشروع جديد، تتعزز روح الأمل، ويُثبت شباب فلسطين من جديد أنهم قادرون على إحداث التغيير، متى توفرت لهم المساحة والدعم المناسب.