الدولة الفلسطينية على الطاولة في واشنطن

رأي مسار
أحال الرئيس دونالد ترمب الإجابة عن سؤالٍ حول حل الدولتين إلى بنيامين نتنياهو، الذي بدوره لم يغلق الأبواب بل تركها مواربةً قليلاً، وتحمل تفسيراتٍ عدة، حيث قال.. "أعتقد أن على الفلسطينيين أن يحكموا أنفسهم، وأن لا يتمكنوا من تهديدنا، ولذلك فإن مسألة الأمن ستبقى دائماً في أيدينا، وأعتقد أن بإمكاننا التوصل إلى السلام مع الشرق الأوسط بكامله تحت قيادة الرئيس ترمب، ومن خلال العمل معاً بإمكاننا أن تحقق سلاماً واسعاً يشمل كل جيراننا".
أن يصدر هذا القول عن بنيامين نتنياهو بحضور الرئيس ترمب وأركان إدارته جميعاً ينطوي على لهجةٍ مختلفةٍ عن أدبياته المتكررة حول الدولة الفلسطينية التي عمل على إصدار تشريعٍ من الكنيست بتحريمها.
وإذا كانت التجربة الطويلة مع نتنياهو تجعلنا لا نعوّل على أقواله، كما لو أنها تعبيرٌ عن سياسةٍ جديدةٍ تجاه الدولة الفلسطينية، إلا أن ما يجدر الانتباه له أن طرح الموضوع بصيغة سؤالٍ وإحالة ترمب الإجابة عنه لنتنياهو، يدل على أن أمر الدولة الفلسطينية مطروحاً على البحث في أكثر الأماكن تأثيراً بشأنها إيجاباً وسلباً.
نتنياهو هو صاحب مبدأ محددٍ في الحل مع الفلسطينيين، ملخصه... حكم ذاتي زائد، ودولة ناقصة، وللفلسطينيين أن يسموا ما يحصلون عليه دولةً أو امبراطورية حتى.
ما قاله نتنياهو يشير إلى أن الحديث عن الدولة الفلسطينية ليس على مبدأ قيامها وإنما على مواصفاتها ومساحة سيادتها، إلا أن ما قطع فيه بصورةٍ لا تحتمل التأويل هو موضوع الأمن، الذي ينبغي أن يظل بيد إسرائيل في كل الحالات وإلى الأبد وما يستحق الانتباه له كذلك هو ما قاله نتنياهو حول التوصل إلى سلامٍ مع الشرق الأوسط وسلامٍ يشمل كل جيراننا وهذا يعني أن الحل الإقليمي له الأولوية، وقد يلائم ذلك ما يفكر فيه ترمب، حول تعميم اتفاقات أبراهام التي يراها الوصفة الناجعة لسلام الشرق الأوسط الجديد.
هنا لابد من وجود طرفٍ ثالث بين الأمريكي والإسرائيلي، وهو الطرف العربي الإسلامي الأوروبي، الذي يملك إمكانات جدية لنقل وضع الدولة الفلسطينية من توصيف نتنياهو لها إلى وضع دولةٍ حقيقيةٍ تمتلك أدوات بنائها، وفي الوقت ذاته تمتلك شرعية وقدرة الوفاء بالتزاماتها بما في ذلك تجاه إسرائيل.
سيصل العالم حتماً إلى النقطة التي لا مناص منها بإقامة الدولة الفلسطينية كمفتاحٍ سحريٍ للهدوء والاستقرار الدائم في الشرق الأوسط.
لقد اقترب العالم كثيراً من الاعتراف الشامل بهذه الحقيقة، وبعد ذلك نحتاج إلى جهدٍ كبير كي يتطور الأمر من الاعتراف إلى قيامها فعلاً.