خاص| البنوك الفلسطينية تقلّص سقف الإيداع بالشيكل.. وتحذيرات من عودة السوق السوداء
تشهد السوق الفلسطينية أزمة نقدية خانقة بفعل تكدس الشيكل في البنوك المحلية، نتيجة رفض الاحتلال استقبال الفائض النقدي من العملة الإسرائيلية، في ظل اتفاقيات مالية مقيّدة.
في حديث خاص لـ"رايــة"، شرح الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة أبعاد هذه الأزمة المتفاقمة، وتداعياتها على السوق والمواطن الفلسطيني، محذرًا من تضخم مالي وعودة السوق السوداء للعملات.
وقال عفانة، إن الأزمة النقدية المتعلقة بفائض الشيكل ليست جديدة، بل متجددة، وكانت قد ظهرت عام 2021 وتكررت خلال عام 2024، موضحًا أنها هذه المرة تتفاقم بوتيرة غير مسبوقة.
وأشار عفانة إلى أن جذور الأزمة تعود إلى بروتوكول باريس الاقتصادي، الذي ينظم العلاقة المالية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث تم الاتفاق على توريد 12 مليار شيكل سنويًا من السوق الفلسطينية إلى البنك المركزي الإسرائيلي.
وأضاف: "لاحقًا تم التفاهم على رفع السقف إلى 16–18 مليار شيكل، إلا أن هذا الرقم لم يعد يتماشى مع تطور حجم الاقتصاد الفلسطيني".
وأوضح أن البنوك الفلسطينية قادرة على تخزين ما يصل إلى 6 مليارات شيكل فقط، وأن ما يزيد على ذلك يشكّل عبئًا حقيقيًا عليها، بسبب تكاليف التأمين والتخزين، وعدم وجود استثمار فعلي في الشيكل.
وأكد أن إسرائيل، ومنذ السابع من أكتوبر، بدأت تماطل في استقبال الفائض من الشيكل، ما أدى إلى تكدس ضخم في البنوك، وأجبرها على فرض قيود صارمة على الإيداع النقدي.
وأوضح: "بعض البنوك خفّضت سقف الإيداع للأفراد إلى 5,000 شيكل شهريًا، مقارنة بـ20,000 شيكل يوميًا سابقًا".
ونبّه إلى أن المواطنين العاديين ربما لا يشعرون بالأزمة بشكل مباشر، لكن التأثير الأبرز يصيب التجار، وخاصة من يستوردون من الخارج ويتعاملون بالعملات الأجنبية كالدولار، وقال: "هذه الفئة تواجه مشكلة كبيرة في تصريف الشيكل وتحويله إلى عملات صعبة".
وأضاف أن "ما لا تستقبله إسرائيل من شيكل لا يعكس حجم التداول الحقيقي في السوق، خاصة مع استمرار التعاملات البنيوية مع الاقتصاد الإسرائيلي، سواء من العمال أو التجارة أو رواتب السلطة".
وفيما يتعلق بتداعيات الأزمة، حذّر عفانة من نشوء سوق سوداء جديدة، قائلًا: "في مثل هذه الظروف، يبدأ سعر صرف الدولار بالارتفاع في السوق الموازية مقارنة بالبنوك، وهذا ما حصل سابقًا أواخر عام 2024 عندما وصل الدولار في السوق إلى 4 شيكل، رغم أنه في البنك كان 3.8".
ودعا سلطة النقد الفلسطينية إلى التدخل الفوري، والعمل مع المؤسسات الدولية للضغط على إسرائيل لاستقبال فائض الشيكل، مطالبًا في الوقت ذاته بوضع آليات واضحة ومعلنة لسقوف الإيداع لتجنّب الاجتهادات الفردية بين البنوك.