الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 3:54 AM
الظهر 12:40 PM
العصر 4:20 PM
المغرب 7:53 PM
العشاء 9:25 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

مركز "شمس " منع الاحتلال لحرية الحركة والتنقل إستراتيجية تهدف إلى إعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا بالضفة

قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أن الحق في حرية الحركة والتنقل يعد من أبرز حقوق الإنسان الأساسية التي تشكل شرطاً ضرورياً لممارسة سائر الحقوق المدنية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية. وقد كرس هذا الحق في مختلف الصكوك الدولية، أبرزها المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (12) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ورغم وضوح هذه الالتزامات، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منذ عقود فرض منظومة معقدة من العراقيل والإجراءات التعسفية التي تحرم الفلسطينيين في الضفة الغربية من هذا الحق الطبيعي، وتحوّل حياتهم اليومية إلى معاناة مستمرة تحت وطأة الحصار الداخلي والتقييد الممنهج للحركة.

وقال مركز "شمس" أن شبكة الحواجز العسكرية المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية تشكّل أحد أبرز مظاهر هذا النظام القمعي. فقد تجاوز عدد هذه الحواجز (900) حاجز ونقطة تفتيش ثابتة ومتنقلة، بالإضافة إلى الجدار العازل الذي يفصل بين الفلسطينيين وأراضيهم. يترافق ذلك مع منظومة تصاريح تعسفية ومعايير إدارية غامضة تمنح السلطات الاحتلال الإسرائيلي سلطة تقديرية مطلقة في تحديد من يُسمح له بالتحرك ومن يُمنع، دون أي رقابة قضائية فعالة أو معايير شفافة. وإلى جانب هذه القيود المكانية، يتم فرض قيود زمانية تتغير دون سابق إنذار، بحيث يجد الفلسطينيون أنفسهم في مواجهة طوارئ يومية تحول دون قدرتهم على التخطيط والتنقل بصورة طبيعية.

وأوضح مركز "شمس" على أن أثر هذه السياسات على الحياة اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية عميق ومتشعب. فالوصول إلى المرافق الصحية بات مهمة محفوفة بالمخاطر؛ وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان العديد من الحالات التي أفضت إلى وفاة مرضى على الحواجز نتيجة التأخير المتعمد. النساء الحوامل يُحتجزن لساعات في طوابير التفتيش، مما يؤدي إلى تعريض حياتهن وحياة أجنتهن للخطر. كما أن قطاع التعليم هو الآخر في مرمى هذه القيود؛ فالطلاب يواجهون صعوبات جسيمة في الوصول إلى جامعاتهم، والعديد من المدرسين والباحثين الدوليين يمنعون من دخول الضفة الغربية، مما يقوض جودة التعليم العالي الفلسطيني.

كما يعاني الاقتصاد الفلسطيني كذلك خسائر فادحة بسبب هذه العراقيل. فقطاع الزراعة يتضرر نتيجة منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم خلف الجدار، وقطاع التجارة يتكبد خسائر نتيجة التأخير على المعابر الداخلية. العمال يُهانون يومياً على الحواجز ويتعرضون لساعات من الانتظار القاسي، مما يقلص إنتاجيتهم ويهدد استقرارهم الاقتصادي. السياحة الداخلية تتراجع نتيجة غياب إمكانية التنقل الحر بين المدن الفلسطينية، مما يحرم المجتمعات المحلية من مصدر دخل حيوي.

وقال مركز "شمس" أن منع جيش الاحتلال للفلسطينيين من التنقل والحركة في الضفة الغربية له آثاره الاجتماعية والنفسية الاجتماعي ، التي لا تقل خطورة عن أبعادها الاقتصادية والحقوقية. فقيود الحركة تؤدي إلى تفكك النسيج الأسري والاجتماعي، إذ يجد الفلسطينيون أنفسهم غير قادرين على حضور مناسبات أسرية مهمة أو زيارة أقاربهم المرضى. كما أن الشعور الدائم بالعجز وفقدان السيطرة على الحياة يولّد لدى الأفراد حالات من القهر والإحباط والغضب، لاسيما بين فئة الشباب. تتعزز هذه المشاعر بفعل الإذلال اليومي الذي يختبره الفلسطينيون على الحواجز، حيث يُعاملون كأهداف أمنية محتملة بدلاً من كونهم أفراداً يتمتعون بكرامة إنسانية.

وقال مركز "شمس" أنه من منظور القانون الدولي الإنساني، فإن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزم قوة الاحتلال بضمان الحياة الطبيعية للسكان المدنيين، وتحظر العقوبات الجماعية والمعاملة المهينة. فرض قيود منهجية على حرية التنقل في غياب مبررات أمنية دقيقة وضرورية يعد إخلالاً بالتزامات الاحتلال، ويؤكد الطبيعة العقابية لهذه السياسات، التي تهدف إلى السيطرة على المجتمع الفلسطيني وتقويض حقه في تقرير المصير.

جدير بالذكر أن هذه السياسات ليست عشوائية أو مؤقتة، بل هي جزء من إستراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى إعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا في الضفة الغربية بما يخدم مشروع الاستيطان. فالحواجز والجدار العازل يعززان عزل التجمعات الفلسطينية بعضها عن بعض، ويكرّسان واقع الجيوب المعزولة، مما يعيق تشكّل كيان سياسي فلسطيني متماسك وقادر على ممارسة سيادته.

وشدد مركز "شمس" على أن القيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل في الأرض الفلسطينية المحتلة ليست فقط خرقاً سافراً للقانون الدولي، بل هي اعتداء مباشر وممنهج على جوهر الكرامة الإنسانية. فحق الإنسان في أن يتحرك بحرية في أرضه هو من الحقوق الأساسية التي لا يجوز تقويضها تحت أي ذريعة سياسية أو أمنية. غير أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل منذ عقود فرض منظومة معقدة من العراقيل والإجراءات التعسفية التي تحرم ملايين الفلسطينيين من هذا الحق الطبيعي، وتحوّل حياتهم اليومية إلى معاناة مستمرة تحت وطأة الحصار الداخلي والتقييد الممنهج. فلم تعد الطرق في الضفة الغربية فضاءً عاماً ، بل أصبحت حقولاً من الحواجز والجدران الإسمنتية ونقاط التفتيش التي تفتك بالجغرافيا وبالروح معاً. ويترافق ذلك مع منظومة تصاريح تعسفية، ومعايير إدارية غامضة تمنح الاحتلال سلطة تقديرية مطلقة في التحكم بحركة الأفراد. ففي هذا السياق، يُعامل الفلسطينيون كأهداف أمنية محتملة، لا كأفراد متساوين في الكرامة والحقوق، ويُجبرون على طلب الإذن لممارسة أبسط حقوقهم سواء زيارة أقاربهم، تلقي العلاج، الوصول إلى التعليم والعمل. إن فرض هذا النظام التمييزي الممنهج، الذي يخضع الفلسطينيين وأحلامهم لإرادة قوة احتلال عنصرية، هو تجسيد صارخ لنظام فصل عنصري يتناقض مع كل القيم التي قامت عليها المنظومة الدولية لحقوق الإنسان. فأوقات الانتظار على الحواجز تصل إلى ساعات يومياً، والخسائر الاقتصادية والاجتماعية تتراكم، فيما يتعمق الأثر النفسي لهذا الإذلال الممنهج الذي يولد القهر والغضب.

وقال مركز "شمس" لا يمكن لأي مجتمع، ولا لأية سلطة تدعي احترام القانون، أن تبرر إخضاع شعب بأكمله لمعادلة تقوم على الإذلال والإقصاء والتحكم المطلق في تفاصيل الحياة اليومية، بدءاً من الذهاب إلى المدرسة أو المشفى، وانتهاءً بحرية لقاء أفراد الأسرة. فما تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي هو انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف الرابعة، وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولاتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري، التي تحظر بوضوح التمييز القائم على العرق أو الأصل القومي في التمتع بالحقوق الأساسية. كما أن استمرار منظومة التحكم في حرية الحركة هو قبول ضمني بإدامة نظام عنصري ينتهك الكرامة الإنسانية بشكل يومي. ورفع هذه القيود ليس مسألة فنية أو تفاوضية، بل هو اختبار حقيقي لصدقية المجتمع الدولي والتزامه بحماية حقوق الإنسان على قدم المساواة. كما إن مسؤولية المجتمع الدولي اليوم تتجاوز إصدار بيانات الشجب أو القلق؛ إنها تتطلب تحركاً ملموساً، واستخدام كل ما يتيحه القانون الدولي من آليات للضغط والمساءلة لضمان تفكيك هذه البنية العنصرية. فلا يمكن للعالم أن يطالب الفلسطينيين بالصبر على قيد يمس حياتهم في كل لحظة، بينما يغض الطرف عن استمرار هذا الظلم البنيوي. فالكرامة الإنسانية لا تُجزأ، والحق في حرية التنقل ليس حقاً مؤجلاً، بل واجب على المجتمع الدولي أن يحميه اليوم، وبكل الوسائل المشروعة. وفي ظل استمرار هذه السياسات العنصرية، يبقى نضال الفلسطينيين من أجل حرية الحركة نضالاً أصيلاً من أجل الكرامة والحرية والعدالة، في مواجهة منظومة احتلال لا تزال تسعى إلى قهر الإنسان الفلسطيني في أدق تفاصيل حياته اليومية.

وفي نهاية بيانه طالب مركز "شمس" بضرورة تحرك المجتمع الدولي بصورة عاجلة لمساءلة سلطات الاحتلال عن هذه الانتهاكات الجسيمة. وإلى تفعيل دور الأمم المتحدة وآلياتها الخاصة بحقوق الإنسان، لا سيما المقررين الخاصين المعنيين بحرية الحركة وحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبضرورة تحرك الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف العمل على ضمان احترام إسرائيل لالتزاماتها الدولية، ورفع منظومة القيود المفروضة على حركة الفلسطينيين. كما دعا وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على هذه المعاناة اليومية التي يعيشها ملايين الفلسطينيين.

Loading...