جنبلاط يسلّم "ترسانته" داعيًّا الأحزاب للتسليم

أعلن رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكيّ السّابق وليد جنبلاط، أنّه أتمّ قبل ثلاثة أسابيع تسليم مخزونٍ من الأسلحة إلى الجهات الرسميّة، مؤكّدًا أنّه أبلغ رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، بالأمر فور فوزه في الانتخابات و"ملء الشواغر" الدستوريّة.
وقال جنبلاط، في مؤتمرٍ صحافيّ عقد عصر اليوم في مقرّه بكليمنصو، إنّ الأسلحة -التي كانت مخزّنةً في "موقعٍ مخترق"- كانت معدّةً للاستخدام في أعمال قتل، مشيرًا إلى أنّه نبّه الرئاسة والأجهزة المختصّة "لِتتسلّم هذه الترسانة قبل وقوع أيّ كارثة".
وأضاف: "تمّ التسليم قبل نحو ثلاثة أسابيع، لكنّي آثرت التكتّم حفاظًا على الاستقرار، إذ كانت الحروب مشتعلةً شرقًا وغربًا، وها هي قد هدأت الآن بحمد الله".
خلفيّة السّلاح
وقال جنبلاط في كلمته: "ستسألون: لماذا وكيف أتى هذا السلاح؟ أتى هذا السلاح تدريجيًّا بعد أحداث أيّار 2008. كان هناك توتّرٌ كبير بين الحزب التقدّميّ الاشتراكيّ والحزب الآخر، وأدّى هذا التوتّر إلى سقوط ضحايا من الجهتين. عملت جاهدًا مع الجميع، ومع الدولة، بل ومع الحزب نفسه؛ وكان لدينا اتصالٌ بالحزب عند الحاجة فأوقفنا الموضوع. لكنّ السلاح وجِد؛ فقسمٌ منه جرى شراؤه، والقسم الآخر كان منتشِرًا في بعض المناطق. عملت على تجميع هذا السلاح مركزيًّا، فجمعت غالبيّتَه: سلاحًا خفيفًا ومتوسّطًا، وبعض الرشّاشات الثقيلة عيار 23 وما سواها، وسلِّم هذا السلاح إلى الدولة".
وتابع: "وطبعًا، هناك اليوم صفحةٌ جديدة فتِحت في الشرق الأوسط، ووسائل المواجهة السابقة طويت وما عادت صالحة. يجب أن يكون كلّ السلاح في يد الدولة. لذلك، إذا كان هناك حزبٌ لبنانيّ أو أحزاب لبنانيّة، أو حتى أحزابٌ غير لبنانيّة، تمتلك سلاحًا، أَتمنّى أن يسلَّم هذا السلاح بالشكل والطريقة المناسبين إلى الدولة".
"سلاح الذاكرة" أهمّ من الحديد والنار
ورأى الزعيم الدرزيّ أنّ "السلاح الأمضى والأفتك للأجيال المقبلة ليس السلاح العاديّ ولا حتى السلاح الثقيل في المواجهات الحديثة، بل هو سلاح الذاكرة: أن نورِّث الأجيال المقبلة ذاكرةَ بطولات المقاومين الإسلاميّين والوطنيّين في لبنان والعالم العربيّ. الجولة اليوم انتصرت فيها إسرائيل والغرب، لكنّ شيئًا لا يتمّ بلا ثمن؛ جولةٌ انتهت وسندخل جولاتٍ أخرى. في المستقبل يجب ألّا ننسى بطولات آبائنا وأجدادنا في مواجهة إسرائيل وعملائها".
ولدى سؤاله عن الرسالة وراء تسليم السلاح، أجاب جنبلاط: "الرسالة للجميع، منّي ومن تيمور، دون استثناء، آخذين في الاعتبار أيضًا أنّ هناك أبوابًا إعلاميّة وكبارَ كتّابٍ ينهالون يوميًّا على حزب الله للمطالبة بتسليم السلاح؛ وهنا أخالفهم، فليست هذه هي الطريقة التي نخاطِب بها الحزب أو الطائفة الشيعيّة الكريمة. يجب معالجة هذا الموضوع بشكلٍ مختلف".
الحقوق الفلسطينيّة أوّلًا
وشدّد جنبلاط على ضرورة منح الفلسطينيّين في لبنان "حقوقهم الكاملة في العمل والحياة الكريمة" بعيدًا عن سياسات العزل، مطالبًا باحتوائهم. كما ذكّر بوجود نقاطٍ حدوديّةٍ محتلّةٍ وقرىً مدمَّرةٍ بالكامل، رافضًا ربطَ تسليم أيّ سلاحٍ بانسحاب إسرائيل، ومؤكّدًا التمسّك بقرارات الأمم المتّحدة، ولا سيّما القرار 1701 واتّفاق الطائف.
وعن ربط تسليم السلاح بالانسحاب الإسرائيلّي، وما يتداوَل بشأن الورقة التي تحدّث عنها الموفد الأميركيّ توم باراك، قال جنبلاط: "لم أسمع بأيّ ورقة"، وأردف: "من الضروريّ تطبيق القرارات الدوليّة ـ أي نحو 1700 قرار ـ ومنها اتّفاق الطائف".
وفي ما يخصّ مزارع شبعا، ذكّر بالاتّفاق الذي عقد عام 2006، قائلًا: "اتّفقنا نحن الثلاثة، في الجلسة الأولى للحوار عندما جمعنا الرئيس برّي مع السيّد حسن نصر الله، على التوجّه إلى سوريا لرسم حدود مزارع شبعا: إن كانت لبنانيّةً نتوجّه إلى الأمم المتّحدة، وإن لم تكن كذلك نتوجّه أيضًا إلى الأمم المتّحدة لتقرِّر مصير تلك المزارع. مزارع شبعا سوريّة احتلّتها إسرائيل، وهي مشمولة بالقرار 242، وجبل الشيخ ما يزال محتلًّا؛ قسمٌ منه سوريّ وآخر لبنانيّ".
وختم جنبلاط برسالتين: الأولى موجّهة إلى الإعلام "الذي يضغط يوميًّا على حزب الله لتسليم سلاحه"، معتبرًا أنّ "هذا الأسلوب لا يخاطِب الحزب أو الطائفة الشيعيّة الكريمة بالطريقة الصائبة". أمّا الرسالة الثانية فموجّهة "إلى الجميع، منّي ومن تيمور"، مفادها أنّ "مَن يملك سلاحًا فليسلِّمه للدولة"، متسائلًا عن "الحديث الدائر حول صفقةٍ مزعومةٍ بين إيران وإسرائيل بوساطةٍ بريطانيّة"، ومشدّدًا على أنّ "تطبيق القرارات الدوليّة يبقى الطريقَ الوحيد لاستعادة الحقوق".