خاص| الاحتلال ينهب المقاصة.. والحكومة تلوّح بإجراءات طارئة: الأزمة تتجاوز الرواتب
في الوقت الذي تشتد فيه الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، وسط تصاعد الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، وغياب حلول جذرية، يحذّر خبراء اقتصاديون من نهج "معالجة الدين بالدين"، مؤكدين أن المأزق الحالي ليس ماليًا فحسب، بل سياسيٌ في جوهره.
وفي هذا السياق، قال منسق مرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية، إياد الرياحي، في حديث خاص لـ"رايــة"، إن الحكومة "تواجه أزمة سياسية بالأساس، وليست مجرد أزمة رواتب أو عجز مالي".
وقال الرياحي إن الحكومة الفلسطينية ليست حكومة قرارات سيادية، بل "حكومة خدمات"، ولذلك فإن أي إجراء حقيقي لمواجهة الأزمة الاقتصادية يتطلب قرارات سياسية من النظام السياسي الفلسطيني، لا إجراءات إدارية فنية.
وأشار إلى أنه "قبل سنوات، ومع بداية أزمة الاقتطاعات، رفضت السلطة استلام أموال المقاصة منقوصة ولو بشيكل واحد، واستمر ذلك لمدة ستة أشهر"، مضيفًا: "اليوم، لا نسمع عن خطوات من هذا النوع، ولا عن وقف التنسيق الأمني، ولا حتى عن اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية، رغم استمرار إسرائيل في قرصنة الأموال".
وتابع: "تركيزنا على المقاصة لأنها الواجهة، لكن جوهر الأزمة اقتصادي أعمق: الاحتلال يسرق الأرض، يمنع الاستثمار، ويفرض الوقائع على الأرض، ونحن نُحمّل المواطن الفاتورة".
وأوضح أن إسرائيل لا تتوقف عن خلق أدوات اقتطاع جديدة، فبعد اقتطاعات عائلات الأسرى والشهداء، باتت شركات التأمين الإسرائيلية تقاضي السلطة بسبب "تهريب سيارات إلى السوق الفلسطيني"، ما قد يُجبر الحكومة على دفع تعويضات في هذا الملف أيضًا.
وفي سياق المعالجة المالية، نبّه الرياحي إلى خطورة مشروع قانون تعديل الدين العام، مؤكدًا أن الحكومة "تلجأ للاقتراض أو إصدار سندات خزينة، ما يفاقم الدين ويهدد مستقبل قدرة الدولة على السداد".
وقال: "نحن أمام حلقة مفرغة: الحكومة تقترض من البنوك، تسدد رواتب، ثم يسترجع الموظف الراتب ليسدد قرضه، وهكذا... وفي لحظة ما ستنكسر هذه الحلقة".
واختتم بالتحذير من أن الحكومة تستدين حاليًا من ودائع المواطنين عبر البنوك، مما يعني أن "المال العام يتحول إلى التزام خاص، دون أفق واضح لمعالجة أصل الأزمة"، مؤكدًا أن المطلوب هو قرار سياسي جريء يحصّن الموارد الفلسطينية، لا حلولًا مؤقتة على حساب المواطنين.