خاص| احتلال غزّة: تكاليف باهظة وخلاف داخلي إسرائيلي على "ما بعد السيطرة"
في ظل تصاعد الحديث داخل أروقة القرار في تل أبيب عن نوايا محتملة لإعادة احتلال قطاع غزة، تبرز عقبات كبرى في المشهد الإسرائيلي، أبرزها التكلفة الاقتصادية الضخمة التي قد تترتب على هذه الخطوة، والتي تتعدى نفقات العمل العسكري، لتصل إلى أعباء خدمية وإنسانية يرفض الاحتلال تحمّلها.
وقال الباحث الاقتصادي محمد أبو جياب في حديث خاص لـ"رايـة"، إن الجدل المالي والاقتصادي حول كلفة الحرب على غزة مطروح منذ اليوم الأول للعدوان، ويمثل محورًا داخليًا في إسرائيل بين وزارة الأمن والجيش من جهة، ووزارة المالية والأحزاب والمؤسسات المدنية من جهة أخرى.
وأوضح أبو جياب أن النقاش اليوم لم يعد يتعلق فقط بتكاليف الذخيرة واللوجستيات العسكرية، بل بالعبء المتوقع على الجيش في حال تم إعلان إعادة الاحتلال الشامل للقطاع، حيث سيكون بموجب القانون الدولي مسؤولًا عن حياة السكان، من خدمات صحية وتعليمية وصرف صحي وتغذية، وهو ما تحاول إسرائيل التهرب منه.
وأشار إلى أن التقديرات تتحدث عن تكلفة قد تصل إلى 6 مليارات دولار، وهي أرقام لا تتعلق بالجيش فقط، بل بالتزامات خدمية ومدنية ستجعل من الاحتلال عبئًا ماليًا وسياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا كبيرًا على إسرائيل أمام المجتمع الدولي.
وأكد أبو جياب أن الاحتلال الكامل لغزة سيقضي على أي أمل بعودة الأسرى، كما أنه سينهي احتمالات "اليوم التالي" للعدوان، حيث ستكون إسرائيل في مواجهة مباشرة مع السكان، وهو ما تحاول تجنبه.
وتابع: "ما يجري الآن من تهديدات إسرائيلية عالية السقف داخل الكابينت، بمشاركة الجيش والجهات الأمنية، يندرج ضمن استراتيجية محاصرة المناطق واستمرار عمليات القصف، دون تحمل المسؤولية الكاملة عن القطاع".
كما لفت إلى أن الخلاف في إسرائيل ليس على الهدف، بل على التبعات والتكتيكات والانعكاسات الاقتصادية والسياسية ما بعد الاحتلال، مشيرًا إلى أن إسرائيل ترى نفسها أداة أمنية للغرب في المنطقة، ولن يكون المال عائقًا أمام استمرار العدوان من حيث الدعم الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة.
وأكد أبو جياب في حديثه لراية، أن "أكثر ما قد يُقلق الاحتلال هو الرأي العام الداخلي المتأثر بغلاء المعيشة، وإفلاس شركات القطاع الخاص، والتجنيد الإجباري، وليس الجانب المالي الرسمي الذي يجد دعمًا خارجيًا واسعًا".
وختم حديثه بالقول إن الحديث عن سعر الشيكل مقابل الدولار، وهزاته الأخيرة، لا يعكس ضعفًا جوهريًا في الاقتصاد الإسرائيلي المدعوم دوليًا، بل تأثيرات لحظية ستُعالج لاحقًا، وإن كانت تعكس مؤشرات على الانهاك المتصاعد داخل إسرائيل نتيجة طول أمد العدوان.