قضايا في المواطنة
خاص| من يُحاسب على العمولات؟ المواطن بين الفواتير ورسوم الدفع الإلكتروني

خاص - راية
سلّط برنامج "قضايا في المواطنة" عبر شبكة "راية" الإعلامية، الضوء على قضية العمولات في الدفع الإلكتروني وتأثيرها على حياة المواطن الفلسطيني، حيث باتت هذه الرسوم عبئًا إضافيًا يثقل كاهل الأسر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في غزة والضفة الغربية.
شارك في الحوار ثلاث شخصيات فاعلة لها خبرة وموقع مؤثر في هذا الملف، وهم: د. عبد الفتاح أبو شكر خبير التنمية الاقتصادية، محمد شاهين نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة، إياد نصّار مدير الرقابة المصرفية في سلطة النقد الفلسطينية.
د. عبد الفتاح أبو شكر: واقع الدفع الإلكتروني والاستغلال في غزة
د. أبو شكر أوضح أن الاقتصاد الفلسطيني لا يزال يعتمد بدرجة كبيرة على النقد، خاصة في قطاع غزة، حيث دُمرت البنى المصرفية وأجهزة الصراف الآلي، ما أجبر السكان على الاعتماد على شبكات وسطاء مالية غير رسمية تستغل حاجتهم، وسط تقلّص الإيرادات الضريبية.
وبيّن أن السوق النقدي غير الرسمي في غزة يشهد عمولات مرتفعة جدًا تصل إلى 55% أحيانًا، وهو وضع كارثي في ظل الأزمة المالية. أما في الضفة الغربية، فتلتزم البنوك بتعليمات سلطة النقد التي حددت عمولات معقولة على الحوالات والشيكات، مع مرونة لتخفيض الرسوم للعملاء المميزين.
وأشار د. أبو شكر إلى أن وجود قطاع غير رسمي واسع النطاق يعقّد تطبيق تحول رقمي شامل، إذ أن كثيرًا من المؤسسات لا تتعامل عبر البنوك أو تخضع للرقابة المالية، مما يوسع فجوة عدم العدالة في دفع العمولات.
محمد شاهين: عبء العمولات على الأسر والحلول المقترحة
فيما أكد محمد شاهين أن الأسر الفلسطينية تعاني من ارتفاع نفقاتها اليومية، والفواتير التي تشمل الكهرباء والماء والهاتف تترافق مع رسوم دفع إلكترونية تزيد العبء، لا سيما على الفئات محدودة الدخل التي قد تصل عمولاتها إلى 20–30 شيكل في بعض الحالات.
واقترح شاهين عدداً من الحلول العملية لتخفيف العبء عن المواطنين، منها، فرض رسوم رمزية ثابتة لا تتجاوز شيكل أو شيكلين على الفواتير الأساسية، وإنشاء نقاط دفع مجانية تتبع البنوك أو المؤسسات الخدمية خاصة في المناطق المهمشة.
كما اقترح إطلاق منصة وطنية موحدة للدفع الإلكتروني تحت إشراف حكومي لضمان عدالة الرسوم، وتعزيز التوعية المالية بين المواطنين لاختيار طرق دفع أقل تكلفة.
ودعا شاهين إلى تعديل قانون حماية المستهلك (رقم 21 لعام 2005) لتشمل تنظيم رسوم الدفع الرقمي، وفرض لوائح تنظم سقف الرسوم وآليات الإفصاح، وتمكين جمعيات حماية المستهلك من التعامل مع نزاعات الدفع الإلكتروني والتحكيم القضائي.
إياد نصّار: الشمول المالي والإجراءات الرقابية
من ناحيته، شرح إياد نصّار أن نحو 70% من البالغين في فلسطين لديهم حسابات مصرفية ضمن استراتيجية الشمول المالي التي تبنتها السلطة منذ 2021، إلا أن 30% من السكان ما زالوا خارج المنظومة البنكية، مما يحد من شمولية الدفع الإلكتروني.
وشدد نصّار على أن الخدمات الحكومية المقدمة عبر منصات مثل “سداد” تُقدّم مجانًا للمستهلك، وأن العمولات عادة يتحملها مزود الخدمة وليس المواطن.
وبيّن أن سلطة النقد تراقب التجاوزات عبر خطها الساخن والمنصات الرقمية، وتتخذ إجراءات صارمة تشمل سحب تراخيص المخالفين، خصوصًا في غزة حيث تدمّرت البنى التحتية المصرفية، ورصدت فرض عمولات مرتفعة تصل لـ 50–55%، مع تجميد حسابات المخالفين.
وأكد نصار استمرار حملات التوعية لزيادة الإفصاح عن الرسوم وحماية حقوق المستهلكين، مع موقف حازم ضد تجار الحروب الذين يستغلون الأزمة في غزة.
الخلاصة
يبينت هذه الحلقة أن أعباء عمولات الدفع الإلكتروني تؤثر بشكل كبير على الأسر الفلسطينية، خاصة ذوي الدخل المحدود في غزة والضفة الغربية. رغم جهود سلطة النقد والتشريعات الموجودة، يبقى تحقيق العدالة المالية مطلبًا يحتاج إلى تكامل جهات التشريع والرقابة والقطاع المصرفي، وتشريعات واضحة تنظم رسوم الدفع الإلكتروني، ومبادرات وطنية موحدة للدفع الرقمي، وحماية جادة للمستهلكين في المناطق المتضررة.
تجدر الإشارة إلى أن "قضايا في المواطنة" هو برنامج اجتماعي تُنتجه مؤسسة "REFORM" ويبث عبر شبكة راية الإعلامية؛ للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة.
وفيما يلي الحلقة كاملة: